(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) فيه دليل على أن التيمم برفع الحدث على ما فسرناه من أن المراد بأن التيمم زوال الماء مع .... (١).
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
ابن عرفة : أفرد النعمة وهي نعم متعددة ؛ لعجز البعض على الشكر على النعم بل عن النعمة الواحدة ، فلا يستطيع أحد أن يؤدي الشكر على نعمه المتعددة ، فالتكليف بالشكر على النعم تكليف بالمحال المتعذر عادة ، أو المعنى المشتق.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ).
على حذف مضاف تقديره : اتقوا عذاب الله ، واتقوا حال ميثاق الله ، أو نقض ميثاق الله ، فإن قلت : ذكر النعمة مناسب لما سبق ، من قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) فما مناسبته الميثاق ، قلنا : إنما ذكره تنبيها للعبد أن يستحضر ما أخذه عليه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم من التكاليف الشرعية أمرا ونهيا فيعمل بمقتضاها.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
ولم يقل : إن الله عالم ، إما لكون هذا المعلوم فيما اختص به ولم يشاركه فيه أحد غيره ، أو لعموم علمه وخصوص علمنا نحن.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ).
قال ابن عرفة : وقال في النساء (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) [سورة النساء : ١٣٥] ، وأجيب بأن هذه الآية المتقدم حقوق الله عزوجل ، وهي اذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه ، والأمر بالتقوى ، فناسب تقديم اسم الله تعالى ، وهناك المتقدمات حقوق للآدميين كقوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) [سورة النساء : ١٢٨] ، وقوله سبحانه وتعالى (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) [سورة النساء : ١٢٩] فناسب البداية بالقسط (٢).
قال ابن عرفة : وتقدمنا نحن الجواب في ميعادنا أن هذه السّلام بأن ابن التلمساني ذكر في شرح المعالم الدينية لما تكلم على النظر أن العلل أربعة : أحدها : العلة المادية ، والعلة العادية ، فالعلة المادية يعلل بها الأمر المحسوس الظاهر ، والعادية
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) القسط هو : العدل. القاموس المحيط مادة : (ق س ط) ، لسان العرب (ق س ط).