قال ابن عرفة : والخبر عند المحدثين والأصوليين مخالف للخبر عند النحويين ...... (١).
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
ابن عرفة : اختلفوا في الوعد على ثلاثة أقوال ، فقيل : الوعد أعم يطلق على الخير والشر ، وقيل : الإيعاد أعم والصحيح أن الوعد في الخير ، والإيعاد في الشر.
قوله تعالى : (مَغْفِرَةٌ).
ابن عرفة : فيه إشارة إلى أن وجود السيئات لا تنافي ثبوت الحسنات ، قيل له : إنما خالف المعتزلة في الكبائر ، فقد يقال : أن المغفرة راجعة للصغائر ، فقال : ألم أقل أن فيها حجة على المخالف وإبطالا لمذهبه ، وإنما قلت : أنها دالة على أن مطلق السيئات لا تنافي وجود الحسنات ، ابن عرفة : فإن قلت : لم قال (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ولم يقل : مغفرة عظيمة؟ قال : فعادتهم يجيبون بأن ذلك إشارة إلى الحضّ على تكثير الأعمال الصالحة وتقليل السيئات ؛ لأن كثرة الأجر والثواب يشعر بكثرة الحسنة ، وتقليل المغفرة يشعر بقلة سبب متعلقها ، ولو قيل : مغفرة عظيمة لأوهم كثرة الذنب المغفور بها.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا) لما قال : (وَكَذَّبُوا ؛) لأن الكافر على قسمين : جاهل بالآيات ، وكافر كفر بعد وضوح الآيات والمعجزات الدالة على صدق الرسول ، كما أن العاصي في التعامل بالربا وأكل مال الغير على قسمين : فواحد يعلم أنه حرام ويقدم عليه ، وآخر يجهل ذلك.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
الإشارة بلفظ الخبر للتعظيم في بابه.
قيل لابن عرفة : احتج بعضهم [٢٧ / ١٣٥] على المعتزلة في أن اسم الإشارة يقتضي الحصر ، فدل على أن العاصي غير محله في النار ؛ لأن المبتدأ منحصر في الخبر ، فرده ابن عرفة بأن الخبر منها أعم من المبتدأ ، ولفظ الصحية الصحيح عند المحدثين أنه لا يصدق على من لازم صاحبه منهم أصحاب الجحيم الملازمين له فلا ينافي أن يكون غيرهم يدخل الجحيم ولا يدوم مكانه فيه.
__________________
(١) بياض في المخطوطة.