قومهما وهم الأوس والخزرج فتجالدوا بالعصي والأيدي ، والنعال ، والسعف ، فرجع إليهم رسول الله فأصلح بينهم ، ونزلت.
وعن مقاتل : قرأها عليهم فاصطلحوا.
وقيل : نزلت في رجلين من الأنصار جرت بينهما منازعة في حق لهما فقال أحدهما : لآخذن حقي منك عنوة ، ودعاه الآخر إلى المحاكمة إلى رسول الله فأبى فتنازعا حتى كادا يتناولان بالأيدي والنعال دون السيوف ، ثم اصطلحا ، ففيهم نزلت.
وقيل : في حرب الأوس والخزرج في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر نبيه فصالح بينهم ، فصاروا إخوانا عن الكلبي.
وقيل : كانت امرأة من الأنصار بينها وبين زوجها شيء فحبسها فجاء قومها فاقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت الآية عن السدي.
ولها ثمرات :
الأولى : جواز التسلية بما كان ابتداء وإن زال الآن ؛ لأن الله تعالى قال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) ولا شبهة أن إحداهما باغية كما يقال : لو أن طائفتين من المؤمنين ارتدتا فاقتلوهم ، ومثل ذلك قوله تعالى : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) [آل عمران : ١١٣].
الثمرة الثانية : وجوب الاصلاح بينهما ؛ لأن فيه دفعا عن منكر ، ومن هذا يؤخذ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد تكاثرت الأدلة على الحث على الصلح قال تعالى : (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء : ١١٤] وقال تعالى : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء : ١٢٨] وقد أفرد الحاكم في السفينة له بابا ، وروى أخبارا متعددة منها أنه صلّى الله عليه قال لأبي أيوب : «ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله ، تصلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقرب إليهم إذا تباعدوا».