وقيل : كان الفقراء ينتظرون فضل طعام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيدخلون بغير إذن ، والمعنى : لا تدخلوا إلا وقت الإذن إلى الطعام ، ولا يكون دخولكم وأنتم تنظرون إناه ، وإناؤه نضجه وإدراكه ، بل إذا كنتم غير متوقعين ومتحينين.
قال جار الله : وهذا في قوم كانوا يجيئون طعام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فينتظرون إدراكه ، ولو كان لغيرهم لم يدخل أحدهم إلا بإذن خاص وهو إلى الطعام ، وغير بالنصب على الحال ، وقرأ ابن أبي عبلة بجر (غير) صفة للطعام ، وضعفه الزمخشري ؛ لأنه إذا جرى على غير من هو له برز الضمير فيقول : غير ناظرين إناءه أنتم.
وقوله تعالى : (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ) ولم تكونوا متوقعين لوقته هذا مفهوم تفسير الزمخشري ، فأما لو كانوا متوقعين لم يدخلوا مع الإذن ، وهذا نظير لما ورد في الخبر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن طعام المفاجاة ، وعلل بأن الأغلب عدم الرضاء ، وقد روي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أكل مفاجئا وعلل بأنه عرف الرضاء ، وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لو امتنع من الأكل أن انجرح صدر من فاجأه فتكون الآية على حال سببها ، وإذا حصل الرضاء بالانتظار جاز سواء كان الطعام قد نضج أم لا ، فقد تجري العادة بالمسابقة إلى إحراز الضيف ودعيه قبل نضج الطعام.
قوله تعالى : (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) أي تفرقوا ، ولا تطلبوا بالوقوف بعد الطعم الأنس بالحديث ، يعني حديث بعضهم لبعض ، أو حديث أهل البيت ، وقد علل سبحانه وجه الانتشار والنهي عن الوقوف للاستئناس بالحديث أن ذلك يؤذي النبي عليهالسلام ، وذلك لضيق المكان ، والحاجة إلى وقوف غيرهم.
وقوله تعالى : (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) أي : من إخراجكم ، والله تعالى لا يستحي من الحق الذي هو إخراجكم.