ليس مذكوراً في الحديث فالحق تفسير الحديث بالقائلين بالقدر والمثبتين له على الوجه الذي عرفته ، لا بنفاته .
هذا ، والقاضي عبد الجبار نقل حديثاً يوضح لنا مفاد هذا الحديث . قال : « لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبياً ، قيل له : ومن القدرية يا رسول الله ؟ قال : قوم يزعمون أن الله قدر عليهم المعاصي وعذبهم عليها . والمرجئة قوم يزعمون أن الإيمان بلا عمل » (١) .
ونقل أيضاً قول الرسول : « لعن الله القدرية على لسان سبعين نبياً ، قيل : من القدرية يا رسول الله ؟ قال : الذين يعصون الله تعالى ويقولون كان ذلك بقضاء الله وقدره . . . وهم خصماء الرحمن وشهود الزور وجنود إبليس » (٢) .
وقد رواه بعض المفسرين أيضاً ، كالزمخشري في كشافه (٣) ، والرازي في مفاتيحه (٤) .
هذا وإن تنبؤ النبي الأكرم عن طائفة باسمهم دون أن يذكر وصفهم بعيد جداً .
وهنا نكتة يجب التنبيه عليها وهي أنه لا شك أن لله سبحانه قضاءً وقدراً ، وانه لا يمكن للمؤمن العارف بالكتاب والسنة إنكار ذلك ، وقد قال سبحانه : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (٥) وقال سبحانه : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (٦) .
____________________
(١) المغني ج ٨ ( المخلوق ) ص ٣٢٦ .
(٢) شرح الأصول الخمسة ص ٧٧٥ الطبعة الأولى .
(٣) الكشاف ج ١ ص ١٠٣ .
(٤) المفاتيح ج ١٣ ص ١٨٤ .
(٥) سورة الحديد : الآية ٢٢ .
(٦) سورة الدخان : الآيتان ٣ و ٤ .