٢٩ ـ وكان إبليس فيما كانت فيه الملائكة من التسبيح والعبادة فابتلي فعصى فلم يرحم ، وابتلي آدم فعصى فرحم . وهم آدم بالخطيئة فنسي ، وهم يوسف بالخطيئة فعصم ، فأين كانت الاستطاعة عند ذلك ؟ هل كانت تغني شيئاً فيما كان من ذلك حتى لا يكون ، أو تغني فيما لم يكن حتى يكون ، فنعرف لكم بذلك حجة ؟ بل الله أعز مما تصفون وأقدر .
٣٠ ـ وأنكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى ، وإنما علمه بزعمكم حافظ وإن المشيئة في الأعمال إليكم ، إن شئتم أحببتم الإيمان فكنتم من أهل الجنة . ثم جعلتم بجهلكم حديث رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) الذي جاء به أهل السنة ـ وهو مصدق للكتاب المنزل ـ أنه من ذنب مُضاهٍ ذنباً خبيثاً ، في قول النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) حين سأله عمر : « أرأيت ما نعمل أشيء قد فرغ منه أم شيء تأتنفه ؟ فقال (ع) : « بل شيء قد فرغ منه » . فطعنتم بالتكذيب له ونفرتم ( ؟ ) من الله في علمه إذ قلتم : إن كنا لا نستطيع الخروج منه فهو الجبر . والجبر عندكم الحيف .
٣١ ـ فسميتم نفاذ علم الله في الخلق حيفاً .
٣٢ ـ وقد جاء الخبر أن الله خلق آدم فنثر ذريته في يده فكتب أهل الجنة وما هم عاملون ، وكتب أهل النار وما هم عاملون . وقال سهل بن حنيف يوم صفين : « أيها الناس ، اتهموا رأيكم على دينكم ، فوالذي نفسي بيده ، لقد رأيتنا يوم أبي جندل ولو نستطيع رد أمر رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) لرددناه . والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلا أسهلت بنا على أمر نعرفه قبل أمركم هذا » .
٣٣ ـ ثم أنتم بجهلكم قد أظهرتم دعوة حق على تأويل باطل تدعون الناس إلى رد علم الله فقلتم : « الحسنة من الله والسيئة من أنفسنا » وقال أئمتكم وهم أهل السنة : « الحسنة من الله في قدر سبق والسيئة من أنفسنا في علم قد سبق » .
٣٤ ـ فقلتم : لا يكون ذلك حتى يكون بدؤها من أنفسنا كما بدء السيئة من أنفسنا .