وَتَقْوَاهَا ) (١) . أي بين لها ما تأتي وما تذر ثم قال : ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) (٢) . فلو كان هو الذي دساها ما كان ليخيب نفسه ، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً وقوله تعالى ( رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ) (٣) .
فلو كان الله هو الذي قدم لهم الشر ، ما قال ذلك ، وقال تعالى : ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (٤) . فالكبراء أضلوهم دون الله تعالى ، بل قال تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) (٥) ( وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) (٦) . وقال : ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ ) (٧) . وقال تعالى : ( وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) (٨) . ( وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ) (٩) . ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ) (١٠) . ( فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) (١١) . وقال : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ ) (١٢) . فكان بدو الهدى من الله واستحبابهم العمى بأهوائهم وظلم آدم نفسه ، ولم يظلمه ربه فقال ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ) (١٣) . وقال موسى ( هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ) (١٤) . فغواه أهل الجهل وقالوا : ( فَإِنَّ
____________________
(١) سورة الشمس : الآية ٧ و ٨ .
(٢) سورة الشمس : الآية ٩ و ١٠ .
(٣) سورة ص : الآية ٦١ .
(٤) سورة الأحزاب : الآية ٦٧ .
(٥) سورة الإنسان : الآية ٣ .
(٦) سورة النمل : الآية ٤٠ .
(٧) سورة طه : الآية ٧٩ .
(٨) سورة الشعراء : الآية ٩٩ .
(٩) سورة طه : الآية ٨٥ .
(١٠) سورة الإسراء : الآية ٥٣ .
(١١) سورة النحل : الآية ٦٣ .
(١٢) سورة فصلت : الآية ١٧ .
(١٣) سورة الأعراف : الآية ٢٣ .
(١٤) سورة القصص : الآية ١٥ .