بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
صفين :
ما بين أعالي العراق وبلاد الشام تقع صفين ، تلك البلدة التي خلدها التاريخ ن وخلدت هى تاريخاً ظاهراً في حياة الأمة العربية والخلافة الإسلامية ، وألوان المذاهب الدينية والسياسية التي ولّدتها حرب صفين ، ونشرت أطيافها في ربوع الدولة الإسلامية ، لتك الحرب التي استنفدت من تاريخ الدم المهراق مائة يوم وعشرة ايام ، بلغت فيها الوقائعُ تسعين وقعةً فيما يذكر المؤرخون (١).
كانت حرباً ضَروسا أوشكت أن تُفنى المسلمين وتذهب بمجدهم وتمحوَ آثارهم ؛ فما كاد المسلمون ينزلون معن خيلهم بعد وقعة الجمل سنة ٣٦ من الهجرة ، حتى اعتلَوْها مرةً أخرى في حرب صفين ن لخمسٍ مضين من شوالٍ من تلك السنة (٢) ولو لا أن تداركتهم عنايةُ الله بصلحٍ حقن من دماء الفريقين ، وحفظ عليهم بقيّةً من أبطالهم وأنجادهم لتغيّر وجه التاريخ الإسلامي.
وقد عُنى علماء التاريخ بتسجيل هذه الوقعة. ومن أقدم من ألّف في ذلك أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي المتوفى قبل سنة ١٧٠. ثم أبوالفضل نصر بن مزاحم المتوفى سنة ٢١٢. قال ابن النديم (٣) : « ابو الفضل
__________________
(١) معجم البلدان (صفين).
(٢) انظر ص ١٣١ من الكتاب.
(٣) الفهرست ص ١٣٧.