سورة الرحمن
قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ).
قال ابن عطية : هي مكية فيما قال الجمهور ، وقال نافع ، وعطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، وعطاء الخراساني عن ابن عباس : هي مدنية نزلت عند [...] سهيل بن عمرو ، أو غيره أن يكتب في الصلح بسم الله الرحمن الرحيم ، قال ابن عطية : الأول أصح ، وإنما نزلت حين قالت قريش بمكة (وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) [سورة الفرقان : ٦٠] ، قلت : وأظن ابن عرفة ، قال عن بعضهم : أن سؤال سهيل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، [...] : أنه أعجمي وليس عربي ، قال ابن عرفة : وهذا تردد ويقابل بضرره ، لأن سهيلا إنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، الذي هو أفصح أكان فكلمه به هود علي بن أبي طالب دليل على أنه عربي ، فإنكار سهل له إما محض تعنت ، وإما لأنه فهم عنهما أنهما ذكراه ، وتقدمه [...] عليه ، فلذلك أنكر ما قالا ، قال ابن عرفة : وذكروا أن الرحمن من المجاز الذي ليست له حقيقة ، حسبما ذكره ابن الحاجب ، أو قال : وفي استلزام المجاز حقيقة خلاف العكس المستلزم لو لم يستلزم العربي الوضع عن الفائدة ، الثاني : لو استلزم لكان نحو قامت الحرب على ساق وشابت له الليل حقيقة ، وهو شريك الإلزام للزوم الوضع ، والحق أن المجاز للمفرد ، ولا مجاز في التركيب ، ولو قيل : لو استلزم لكان نحو الرحمن حقيقة ، ونحو عيسى كان قريبا ، ونص إمام الحرمين والأصوليون : على أنه مختص بالله تعالى لا يوصف به غيره ، ونص أبو [...] في أجوبته ، والفارسي في شرح الشاطيبة أن المختص بالله تعالى إنما هو مجموع (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : ١] ، قال ابن عرفة : وما شبه ذكر هذه الأشياء بغير صفة الرحمن ، وما يقولونه : من أن الوجود خير كله ، والعدم شر كله ، على أنه قد يرد عليه أن النار شر صورة ، وهي شر لا خير فيجاب عنه : بأنه إنما تضر لانعدام ضررها المعادل لها ، وهو الماء والبرد ، فالشر في انعدام ضدها لا في نفس وجودها ، فمن رحمة الله تعالى بالإنسان وإرادة الخير له أنه أوجده وعلمه القرآن ، وأتت هذه مفصولة بغير حرف عطف ، لأن كل جملة منها مستقلة بالدلالة على كمال قدرة الله تعالى وعظمته وجلاله بخلاف ما بعدها.
قوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ).