فأجاب ابن عرفة : بتعجيز الفصاحة في الكلام والبلاغة ، وأكثر ما عهدت من الأنس وهذه تعجيز فالقدرة والقوة وأكثر ما عهد ذلك من الجن.
قوله تعالى : (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ).
أن أريد الأمر المعنوي فالسلطان حجة ، والدليل المعنوي ، وأن أريد الحسي والسلطان الملك ، والدليل الحسي.
قوله تعالى : (لا تَنْفُذُونَ).
في موضع الحال ، قيل لابن عرفة : يلزم عليه المفهوم ، فيكون مفهومه أنهم لا يعجزون عنه حالة نفوذهم ، فقال : السالبة الجزئية عندهم دائمة بالإطلاق ، يقول : لا شيء من الإنسان حمار ، قال : ووجه تعقيبها بالآلاء ، لأن العاجز عن القيام إذا بطل لنفسه ، وكونه قادرا على القعود يستحضر أنه لو كانت قدرته على القعود مستندة لنفسه أقدر على القيام ، فدل على أنه لا حكم ، وأن الله تعالى هو الذي أقدره على القعود فحمد الله تعالى على تلك النعمة ، وكذلك استحضارهم العجز والقصور عن ذلك سبب في حصول الاتعاظ لهم ، والانزجار ، وهذه فائدة عظيمة ، قيل لابن عرفة : فعلم المنجمين هل هو من هذا؟ فقال : إنما مستندهم فيه لأمور عادية تجر بعينه ، أو يقول أنه عيب فهو منفي بالآية.
قوله تعالى : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما).
قيل لابن عرفة : الضمير جمعه أولا ، فقال : أن استطعتم أن تنفذوا فأنفذوا وثناه ثانيا ، فقال : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما) ، فأجاب : بأنه أراد أولا الأشخاص ، وهي كثيرة ، وثانيا نوعي الجن والأنس ، ووجهه أن التعجيز لأشخاصهم ، وكل واحد لا يستطيع النفوذ وإرسال النار على مجموعهم لا على فرد ، لأن فيهم الصالحون والأنبياء فيكون الأول كلية ، والثاني كل ، قيل لابن عرفة : يلزمك على هذا المفهوم في الأول ، إذ لا يلزم من عجز كل فرد عن النفوذ ، فقال ابن عرفة : الكلية تستلزم الكل ، قيل له : الكلية لا تستلزم الكل ، فقال : هذا يستلزم أليس عندنا أن السالبة الكلية ناقضها الموجبة الجزئية. [٧٣ / ٣٥٩] فإذا قلت : لأي شيء من الإنسان عجز لزم أن لا يكون مجموع الإنسان حجرا ، قيل له : هذا في ذلك لقال ، وقد يقول لا شيء من بني تميم يرفع الصخرة العظيمة ، فلا يلزم الكلية الكلي ، لأن مجموعهم رفعها ، قال ابن عرفة : كون الآية من المقال الأول الذي يستلزم فيه الكلية الكل ، وأجاب بعض الطلبة : بأن القضية هذا لك في الآية كانت كلا فدخل السلب عليها فنفاها باعتبار الكلية ، والكل بخلاف قولك : الإنسان يرفع الصخرة العظيمة ، فإنه كل يدخل السلب عليه فنفى