يكون له في الجنة السدر ، وإما لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى ، لأنه إذا كان مثل ذلك في الجنة محصلا للنعيم ، ونوعا من أنواعه فأحرى ما هو أعلى منه ومخضود ، قيل : لا شوك فيه ، وقيل : لا ثمر فيه فعلى الأول : يكون الوصف بمخضود [.....] وعلى الثاني : يكون تكميلها ، واختلف الزمخشري وابن عطية في مسمى الطلح ، فقال الزمخشري : شجر أم غيلان ، وقال ابن عطية : شجر السدر ، والصحيح الأول ، وجعل السدر طرفا لهم ، لأنه أشجار متعددة ، وهم بينها وفي حد نفيها وهي محتفة بهم.
قوله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ).
أي لأنه تقلص فيه إذ لا شمس هنالك فكلها ظل.
قوله تعالى : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ).
وقال قبلها (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) ، والتخيير على الكثرة ، إذ لا يتخير الإنسان إلا في الكثير ، وتلك للسابقين ، ففاكهتها كلها متخيرة ، وهذه لمن دونهم ففاكهتها كثيرة يتخيرون فيها ، والترتيب في هذه على سبيل الترتيب الوجودي ، لأنه أول ما يدخل الإنسان جنينة في الدنيا ، ينظر إلى أشجارها ثم يجلس في ظلها ، فلينظر إلى الماء الجاري تحتها ، ثم يطلب الفاكهة ليأكل منها ، ثم إذا أكل يستريح ، فيطلب الفرش لينام عليه (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) ، وهذا وأمثال (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) [سورة الحاقة : ١ ـ ٢] ، (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [سورة القارعة : ١ ـ ٢] ، سؤال وهو أن المعلوم في أحد جزئي الجملة الابتدائية ، يكون مبتدأ والمجهول خبرا ، لأن الخبر هو الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية ، وقد أتى أصحاب اليمين في الجملة الأولى مبتدأ ، وفي الثانية خبرا ، فإما أن يكون معلوما أو مجهولا ، وعلى كلا الأمرين فالسؤال وارد ، وأجيب : بأن معلوم من حيث التصور فصح كونه مبتدأ ، ثم أخبر به بضمنه دلالته على التهويل والتعظيم ، فإن قلت : إن ذلك إنما أتى مجموع العلة الدالة عليه وعلى إرادة الاستفهام ، وكلامنا في الإخبار به وحده عن أداة الاستفهام ، فالجواب : أن مجرد الإخبار به تعظيم لقوله : أنا أبو النجم وشعري شعري.
قوله تعالى : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ).
ابن عطية : المخضود هو قطع شوكه ، الزمخشري : هو الذي لا شوك له ، كأنه خضد شوكه أي قطع ، انتهى ، وهذا أحسن لإفادته أنه لم يخلف فيه شوك أصلا ، وبدأ