ابن عطية : هو الريح الحارة ، الزمخشري : أي في حر نار تنفذ في المسام ، انتهى ، هذا أقرب إلى اللفظ ، وهذا مقابل لنعيم أصحاب اليمين ، قائل بثلاثة أوصاف : لأن السدر المخضود ، والطلح المنضود ، كالشيء الواحد ، فإن قلت : لم قدم الظل الممدود هنا على الماء المسكوب ، وأخره هنا على الحميم المقابل للماء المسكوب؟ فالجواب : أن السموم وهي الريح الحارة تحدث وهجا ولهبا في الجسم فيلجئون إلى تبريدها بشرب الماء ، فيجدونه حميما ، فحينئذ يلجئون إلى الظل فالاحتياج إلى الماء أشد منه إلى الظل ، بخلاف حالة النعم ، فإن المأكل فيها رطب لا يلجأ إلى شرب الماء ، فالحاجة إلى الماء تكميلية ، والظل ملازم للجنة والشجر ، فلذلك قدم.
قوله تعالى : (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ).
فإن قلت : هلا قيل (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) ، حال ضار ، فلم أتى به منفيا؟ فأجاب الزمخشري : [٧٣ / ٣٦٢] عليه استعماله في معناها الأخص.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ).
علل عذاب هؤلاء ولم يعلل نعيم هؤلاء ، لأن الثواب عندنا محض تفضل من الله تعالى ، لا جزاء عن العمل والعقاب ، محض عدل وجزاء عن السيئات ، وهذه أجزاء علة واحدة ، وليست عللا متعددة ، والآية حجة لمن يقول : إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، وحجة لمن يقول : إن عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة حسي ، ورد على من زعم أنه معنوي ، وهو قول حكاه الفخر في المعالم بأن [.....] ، فإن قلت : لم قال مترفين فعبر بالاسم؟ قال : يعبرون بالفعل ، قلت : إنه إشارة إلى تزايدهم في الأمر ، أو أنهم مهما أتاهم النبي صلىاللهعليهوسلم ، بمعجزة أظهروا لها إصرار يخصها وزاد في تعنتهم ، وإما الإتراف فهو ملازم لهم.
قوله تعالى : (وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا).
هذا فرق ، لأن الوصف الأول تضمن تنعهم بالحرام ، والثاني : الكفر بالألم ، وإضافة الشريك إليه ، وهو أشد ، والثالث : نسبته إلى العجز عن إعادة المعدوم ، وهو أشد من الأولين ، فإن قلت : لم قدم التراب على الطعام مع أن صيرورتهم ترابا في الوجود الخارجي متأخر عن صيرورتهم عظاما؟ فالجواب من وجهين :
الأول : أن التراب بالنسبة إلى لحومهم فقط ، وهو مقارن للعظام.
الثاني : أن الإنكار تعلق بإعادتهم بعد ما صاروا ترابا وعظاما ، فيدل من باب أحرى على إنكار الإعادة من الجسم الذي كله تراب ، فإن قلت : هؤلاء قالوا : أينا نبعث بلفظ