الفعل ، فيكون إنكار المطلق البعث ، فيستلزم إنكار البعث المؤكد ، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص ، فالجواب : أن هذا من الإنكار الأخص لا من إنكار الأخص ، وتقريره أنه إنكار لا يستلزم الأخص ، لأنه إنكار الأخص ، لأن من أنكر قيام زيد المدلول عليه بقول القائل : إن زيدا قائم فأحرى أن ينكر قيامه المدلول عليه بقولك : قام زيد ، فإن قلت : ما الفائدة؟ فلو قدموا إنكار بعث آبائهم لكان أعم فائدة ، لأن إنكارهم بعث آبائهم لا يستلزم إنكارهم بعث أنفسهم ، لأن آبائهم صاروا رميما ، وطالت مدتهم ، فلا يلزم من استنجادهم بعثهم استبعادهم بعث أنفسهم بخلاف العكس ، فالجواب : أن المستحيلات كلها متساوية لا يقال في بعضها : أنه أولى ، كاستحالة اجتماع النقيضين ، فإنه متساو في الجميع ، فإن قلت : إنما ذلك في المستحيلات العقلية التي تكلم فيها الحكماء ، ومن له بصيرة ، وهؤلاء لم يكن لهم معرفة بالعلوم فما نفوا البعث الإعادة ولا شك أن المستحيلات بالإعادة متفاوتة فاستحالة بعث آبائهم أولى وأشد من استحالة بعثهم هم ، فالجواب : أن ما نفوا ذلك إلا عقلاء ولهم إدراك في ذلك ، وأما الوجود فهو بالنسبة إلى الممكن متفاوت فإطلاقه على الأب أولى من إطلاقه على الابن ، وبالنسبة إلى الواجب شيء واحد لا تفاوت فيه ، وكذلك المستحيل عقلا واجب لا تفاوت فيه من تعلقاته ، لكن يجاب عن هذا كله بأن تعليل الحكم يوصل حاصل أقوى من تعليله بوصف مقدر ، فاستحالة بعث المعدوم الحصول أقوى من استحالة بعث ما قدر انعدامه ، وهذا ذكره المنطقيون فقالوا : القضية المحصلة تنعكس كنفيها ، وعكس النقيض ..... (١) أخبار العذاب النازل بهم فناسب مفاجأتهم بالخطاب ، لأنه أقوى أو نقول هذا خطاب لمن قام المبطلين ، كما أن عقوبة أبو الحسين البصري من المعتزلة أشد من عقوبة سائرهم ، لأنه أول من أنكر حجج المبطلين ، وكذلك هنا الخطاب لقريش أهل مكة ، فإنهم الذين ذلك ، وكانوا يأتون بالعظم الرميم ، فيقولون هذا يبعث ويرجع حيا ، والمهلة إما زمانية أو معنوية ، أو هما معا ، فيجيء فيه تعميم المشترك ، إن كانت مشتركة ، أو استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه ، إن كانت حقيقة في أحدهما مجازا للأخر ، أو للقدر المشترك بينهما ، والضال أعم من المكذب ، لأن كل مكذب ضال ، ولا ينعكس فالمعتزلة ضالون مطلقا ، وليسوا مكذبين إلا عند من يكفرهم.
قوله تعالى : (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.