وقع الإنكار هذا مردودا بين خلقهم ، وخلق الله تعالى ، وفي سورة الطور (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) [سورة الطور : ٣٥] ، بالترديد بين خلقهم من غير شيء ، وخلق أنفسهم ، والجواب : إن هذه مانعة الجمع ، فإن قلت : لم عبر في الأول بالفعل ، وفي الثاني بالاسم؟ قلت : كان المقصود بالأول نفي الخلق عنهم ، فناسب الفعل ، لأنه مطلق يصدق بصورة ، فإذا انتفى أعم ، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص ، والمقصود بالثاني : ثبوت الخلق لله تعالى ، فناسب الاسم للثبوت والدوام ، الزمخشري : ومنها دليل لمن يقول بالقياس ، انتهى ، يريد بالقياس المنطقي المضاد للتصور ، وليس مراده الأصلي [٧٣ / ٣٦٣] لأن هذا ليس بقياس تمثيلي ، وإنما هو استدلال.
قوله تعالى : (قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ).
دليل على أن الموت أمر وجودي بناء على أن العدم الإضافي لا يكون أثر للقدرة.
قوله تعالى : (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ).
فيه رد على الطبائعية القائلين : بأن النفوس البشرية ألفت أجسادها بالطبيعة ، ولو تركبت في غيرها لما أمكن ذلك عندهم ، ونحن نقول : الأجساد كلها متساوية في الحد والحقيقة.
قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ).
جاء على الأصل في كون الجملة الأولى : فعلية ، لأن المراد نفيها ، والثانية : اسمية لأن المراد ثبوتها.
قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً).
لو حرف امتناع ، قال النحويون : امتنع الثاني لامتناع الأول ، ونص عليه ابن السراج ، وابن مالك ، وغيرهما ، وأبو حيان في أول البقرة ، وقيل : بل المراد أن الأول امتنع لامتناع الثاني ، نص عليه ابن التلمساني ، وابن الحاجب في شرح مفصل الزمخشري ، وفي تأليف له خاص لوجد أن عن النحويين ما تقدم واختار هو أن الأول تمنع لامتناع الثاني ، فإذا قلت : لو قام زيد لقام عمرو ، معناه على الامتناع عمرو من القيام دلني على امتناع زيد منه ، فهو باعتبار العلم والاعتقاد ينتفي فيها الأول لانتفاء الثاني ، وباعتبار السببية ، والوجود الخارجي ينفي الثاني لانتفاء الأول ، وقرره ابن الحاجب بأن انتفاء السبب لا يدل على انتفاء المسبب ، لجواز أن يكون ثم أسباب