سورة الأحقاف
قوله تعالى : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً).
قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تضمن قوله تعالى : (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) تقبيحهم إياه بأنه إما كذب في نفسه أو شبيه بما قبله من الأكاذيب ، والاقتران عينه ببيان أنه إما صدق في نفسه ، وشبيه بما قبله من الكتب الصادقة الواردة على يدي الرسل.
قوله تعالى : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
نفى الخوف بالاسم ، والحزن بالفعل لأن سبب الخوف والأمور المستقبلة متكبرة غير متناهية لعدم وقوعها فتذهب النفس بها كل مذهب ، وسبب الحزن ماض والماضي متناه لانقطاعه ، فعبر عن الأبلغ بالأبلغ وعن الأخف بالأخف.
قيل لابن عرفة : هذا صحيح لو كان في الثبوت ، وأما في النفي فنفي الأعم أخص من نفي الأخص ، وأجيب : بأنهم قالوا : هذا إلا في باب الإخبار وهو أن الإخبار بالاسم أخير من الإخبار بالفعل ، والاسم هنا مخير عنه لأنه مخبر به.
قوله تعالى : (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ).
اختلف المحدثون هل من شرط الصحبة طول الملازمة أو لا ، وظاهر الآية حجة لمن لم يشترط ذلك ، لقوله تعالى : (خالِدِينَ) ، وقوله تعالى : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) هو جزاء شرعي تفضلي لا إنه عقلي.
قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً).
عداه هنا بالباء ، وقال تعالى في سورة النساء : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [سورة النساء : ١١] فعداه بفي.
قال ابن عرفة : عادتهم يجيبون بوجهين :
الأول : متعلق الوصية هنا بسيط مفرد وهو بر الوالدين فقط ، ومتعلقها هناك متعدد وهي أمور كثيرة ، والقاعدة أن التعدد يحتاج في حفظه إلى دعاء يكون فيه ، والبسيط لا يحتاج في صورته إلى ظرف كمن عنده أمتعة ، فإنه يستعد لها مسند وقالوا : ومن عنده مقطع واحد في صورته إلى ذلك.