المعنى لم تنظر ، فلذلك عدى بإلى ، والنظر سبب في الرؤية ، وقد ينظر فيرى وقد لا يرى ، والآية دليل على أن النهي للتكرار ، وهو المشهور ، ولذلك ذموا على عدم الانتهاء.
قوله تعالى : (وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ).
قال شيخنا : الذي يظهر أن الإثم هو تناجيهم في حالة نصرة المؤمنين وأمنهم ، والعدوان هو تناجيهم حالة خوف المؤمنين وقتالهم لكن في غيبة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومعصيته تناجيهم بحضرة النبي صلىاللهعليهوسلم في حالة خوف المؤمنين وقتالهم.
قوله (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) ، دليل على أن ما في النفس يسمى قولا ، إما بطريق الحقيقة ، أو بطريق الاعتزال.
قوله (لَوْ لا) ، تخصيص على معنى التهكم والاستهزاء.
قوله (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) إذا علق الذم على الوصف الأعم ، فأحرى الأخص ، لأن المصير أعم من قوله : مصيرهم.
قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، يحتمل أن يريد المؤمنين حقيقة ، أو المنافقين ، فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا في الظاهر ؛ لأن وصف الإيمان صادق عليهم مقيدا ، وإذا صدق مقيدا صدق مطلقا ، فإن قلت : لو أريد المنافقون للزم عليه التكرار ، لتقدم نهيهم في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى) ، قلت : ذلك نهي عن النجوى المستلزمة للوقوع في الإثم والقبح ، وهذا أمر بالنجوى المستلزمة للبر والتقوى.
قوله تعالى : (إِذا تَناجَيْتُمْ).
أي إذا أردتم التناجي.
قوله تعالى : (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى).
إن قلت : يدل على أن النهي عن الشيء ليس بضده ، والإيمان تأكيد ، والأصل التأسيس ، قلت : إنما ذلك حيث يكون له ضد واحد ، وهنا له أضداد منها الإباحة فأفاد الأمر تعيين المراد من تلك الأضداد ، ووقع النهي عن ثلاثة أشياء والأمر بشيئين ، والواو في والمقدران بمعنى أو إذ لو كانت للجمع على حقيقتها للزم عليه أن يكونوا نهوا عن الجمع في التناجي بين الأمر ، فيبقي التناجي الملزوم لأحدهما فقط ، غير منهي عنه ، لأنها قبل النهي كانت للجمع بينهما ، فدخل النهي عليها فأفاد النذير منهما