انتهى ، هذا هو مذهب المعتزلة ، بل أظهر الدلائل كلها لجاز أن لا يؤمنوا ويدوموا على كفرهم ، وإنما الأشياء ضدها لا بها.
قوله تعالى : (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً).
الإضافة للتشريف ، أي نجواكم الشرعية اللائقة بكم ، وأخر الصدقة عن النجوى ، وإن كانت هي المقصود ، لأن المعلول متأخر عن علته ، والصدقة معللة بالنجوى ، وتنكير الصدقة تيسير رحمة ، ولذا قال عليهالسلام لعلي ما قال ، والأمر بتقديم الصدقة دليل على المراد تقليل المناجاة ، لأن فعل ما ليس متوقفا على سبب للبشر من فعل ما هو متوقف على سبب ، كما أن البسيط أجلى من المركب وأقرب ، المناجاة دون صدقة أهون على النفوس منها مع الصدقة ، وعبر القاضي هنا : بأن عدم الصدقة للشيخ ، وهذا لا يليق بالصحابة ، بل عدم صدقتهم ، إنما هو لكونهم رأوا أن إبقاء المال ليستعينوا به في الجهاد أولى من الصدقة ، فيتركون المناجاة لأجل ذلك ، وإن قلت : إذا كان الأمر بالصدقة إشارة إلى أن المطلوب تقليل المناجاة كما تقدم ، فهلا عبر بأن دون إذا لدلالتها على أن ما دخلت عليه مطلوب عدمه ، فالجواب من وجهين :
الأول : أن المناجاة محققة لأن الصحابة [٧٥ / ٣٧٣] لمحبتهم في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا بد لهم من مناجاته.
الثاني : الجزاء مطلوب وجوده ، وهو الصدقة ، فإذا كان الجزاء مطلوبا كان الشرط كذلك.
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا).
والمراد وجدان المطلق كما قال علي فيمن وجد حبة من شعير : أنه واجد بخلاف من يستحق الزكاة ، لأن المطلوب فيها
وصف التفرقة ، فإذا وجد من يبلغه فهو واجد.
قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فهل معناه : إن تركتم المناجاة لفقركم؟ أو معناه إن ناجيتم بغير صدقة لفقركم ، وهو الظاهر.
قوله تعالى : (صَدَقاتٍ).
فإن قلت : لم أفردت الصدقة ، أولا وجمعت ثانيا؟ قلت : الأول تكليف فأفردت فيه الصدقة ، إذ لو جمعت لتوهم أن المراد تقديم صدقات ، لا صدقة واحدة.
قوله تعالى : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).