دليل على أن هذه الآية ناسخة للأمر بالصدقة ، وليس ينتج إلى بذل ، وهي الصلاة لأنهم كانوا مكلفين بها والمراد دوموا إقامة الصلاة.
قوله تعالى : (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
الآية رد على الجاحظ القائل : بأن الكذب إنما هو في العمد لقوله (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ، فإن أجاب بأنه تأكيد ، قلت : الأصل التأسيس ، وقال الشريف الحسني في شرح الآيات البينات ، لأن الخطيب لما ذكر تعريفه للخبر بأنه ما احتمل الصدق أو الكذب ، وحكى ما أورد عليه من أنه يلزم عليه الدور ، لأن الصدق والكذب لا يعرفان إلا بعد معرفة الخبر ، أجاب : بأنهما معلومان بالضرورة ، فلا دور فيه ، انتهى ، ويرد بأن الصدق والكذب أخص من الخبر ، فإذا كان الأخص معلوما بالضرورة ، كان الأعم معلوما بالضرورة ، فما يحتاج إلى تعريف الخبر بوجه.
قوله تعالى : (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
يحتج بها من يقول : أن الفاء كالواو ولا نقيد ترتيبا لتقدم صدهم على حلفهم ، وهذا إن أريد أنهم صدوا في أنفسهم ، ويجيب الآخرون : بأن المراد صدهم غيرهم ، وهذا أحد التأويلين الذين ذكر ابن عطية : أي حلفهم صدوا المسلمين عن قتالهم ، والانتصاف منهم.
قوله تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ).
حجة الزمخشري : في أن لن أبلغ في النفي من لا ؛ لأن القصد سابق الإغناء مطلقا نفيا عاما ، فإن قلت : العموم مستفاد من قلت : الأصل بالدلالة بالوضع لا بالقرينة ، فإن قلت : لو كانت أبلغ احتيج (هُمْ فِيها خالِدُونَ) ، قلت : الخلود مثبت والإغناء منفي ، فإن قلت : نفي الإغناء يستلزم الخلود ، قلت : دلالة المطابقة أولى من دلالة الالتزام ، فإن قلت : في سورة الكهف (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) [سورة الكهف : ٤٦] ، فجاء المال في الإثبات وذا وجاء هنا في النفي مجموعا ، وتقرر أن الجمع أخص من الإفراد فكان المناسب العكس ، وهو استعمال الأعم في النفي والأخص في الثبوت ، فالجواب : أنه نفي لاستلزام الأخص لا نفي للأخص ، أي إذا ما أغنت عنهم أموالهم فأحرى أموالهم.
قوله تعالى : (هُمْ فِيها خالِدُونَ).