قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ).
هو استدراك بين الشيء ونقيض ، أي يسلط رسله وينصرهم من غير حاجة إلى معونتكم ، فإن قلت : لم قال يسلط بلفظ المضارع ، وجمع الرسل مع أنهم قد [...] والباء في إنما هو رسول واحد ، قلت : هي حكاية حال ماضية ، فإن قلت : فلا يدخل في ذلك نبينا محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، مع أن المراد الحالة ، قلت : المراد ولكن العادة الجارية في رسله ، أنه يسلطهم على من يشاء من عباده ، ويحتمل أن يكون الجمع تعظيما له صلىاللهعليهوسلم ، والمراد بالرسل الملائكة ، قوله (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) ، ذكر اسم الله الفيء وفي الصدقات لم يذكره ، فدل على أن يستحق الفيء أفضل ، لكونه لا يختص بالتبيين بخلاف الصدقة ، وفاء بمعنى رجع ، وأفاء أرجع ، وتقرير معنى الرجوع فيهما أن أموال الكفار مستحقة للمسلمين في الفيء فهي بأيديهم كالمتعدي فيه ، فإذا حصلت بأيدي المؤمنين فقد رجعت.
قوله تعالى : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ).
الزمخشري : لا يصح أن يكون بدلا من مجموع قوله (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) انتهى ، لأنه يستحيل صدق صفة الفقر عليه عزوجل ، ولا يوصف بها النبي صلىاللهعليهوسلم إعظاما له ، ولأن في آخر الآية (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، فإن قلت : لم قدم صفة الفقر على الهجرة ، مع أنهم أنما اتصفوا بالفقر بعد الهجرة ، وأما قبلها فكانوا أغنياء فالهجرة سبب في الفقر ، فهلا قدمت؟ فالجواب : أن استحقاقهم الأخذ من الغنيمة إنما هو يوصف الفقر لا بالهجرة أو بمجموع الأمرين ، ووصف الفقر أو أكدهم ، ولا يقال : أن وصف الفقر يشاركهم فيه الأنصار وأنهم إنما اختصوا عن الأنصار بالهجرة ، لأن المفسرين ذكروا أن الأنصار كلهم كانوا أغنياء إلا ما قل منهم ، وقد أعطاهم النبي صلّى الله [٧٦ / ٣٧٦] عليه وعلى آله وسلم من الغنيمة لفقرهم ، وعبر في المهاجرين بالاسم وفي الذين أخرجوا بالفعل ، لدوام الهجرة وانقطاع الإخراج ، ووصفهم بنصرة الله ورسوله احتراسا ، خشية أن يتوهم أن ذلك خاص بالأنصار.
قوله تعالى : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً).
وذكرهما تعظيما لهما ، والعطف ترق لأن الرضوان صفة معنى ، والفضل صفة فعل.
قوله تعالى : (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ).