المقصود بالإسناد هنا المعطوف ، فهو من باب [...] الجارية حسنها ، لأن الله تعالى غني عن نصرتهم ، وصرح باسم الجلالة تشريفا للطاعة ، وصرح باسم الجلالة تهييجا عليها.
قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
ابن عطية : في أقوالهم وأفعالهم ، انتهى ، هذا موافق لقول ابن التلمساني : أن الصدق هو مطلق المطابقة ، لأنه مطابقة الخبر للمخبر عنه ووقع التأكيد في هذه الجملة بأمور الحصر ، وكون الموضوع اسم إشارة والفصل بالضمير ، وكون الخبر اسما وإلا على الثبوت.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ).
فسره الزمخشري بثلاثة أوجه :
إما أن المراد تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان ، وجعلوا الإيمان مستقرا ومتوطنا لهم لتمكنهم منه واستقامته عليهم ، كما جعلوا المدينة كذلك ، فيكون التبوء على هذا مجازا فهو في الدار على أصله في الإيمان معنوي فيضعف هذا من وجهين :
أحدهما : أن فيه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، أعني لفظ التبوء.
الثاني : أنه حصل ملازمتهم للإيمان كملازمة المكان لهم ، فلو أراد المكان المطلق لحسن التشبيه هنا ، إنما وقع التشبيه على مكان معين ، فلا يحسن التشبيه ، لأنه لا يلازمهم عقلا ، إذ لو أريد التبوء في مطلق مكان ، لقلنا : أنه يلزمه الإيمان عقلا ، وقيل : هو من عطف الصفات أي تبوء الدار ، ودار الإيمان لأنها دار واحدة ، وصفته أولا بكونها الدار المعهودة ، وثانيا : بأنها دار الإيمان.
قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِهِمْ).
قال الزمخشري : من قبل المهاجرين واستشعر أن يورد عليه أن إيمان المهاجرين سابق ، فأجاب : بأن المجموع ، وهو التبوء ، والإيمان سابق على إيمان المهاجرين وتبوؤهم ، فالمجموع سابق على المجموع ، وهو نحو ما أجاب به ابن التلمساني عن قول القاضي عبد الوهاب في تعريفه للقياس : هو حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما ، فأورد عليه لزوم كون حكم الأصل مثبتا بالقياس ، فيدور بأن المراد ثبوت المجموع ، ويرد على هذا الجواب هنا أن المجموع المركب إنما يتم بآخر جزء منه ، فما حصل لهم وصفا لتسليته بأول التبوء بل بآخره ، وهو بعد إيمان من آمن ، وذلك متأخر عن إيمان المهاجرين ، وجوابه : أن على كل تقدير متقدم على