هجرة المهاجرين وإيمانهم ، وأجاب الزمخشري والفخر بجواب آخر : وهو أن الضمير عائد على المهاجرين باعتبار وصفهم أي من هجرتهم.
قوله تعالى : (الَّذِينَ سَبَقُونا).
فيه دليل من آية السبقية ، كما قال الفقهاء في الإمامة : أنه يقدم الأقدم سنا في الإسلام ، فإن كان الأكبر أحدث إسلاما قدم الأصغر.
قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا).
لما كان من طبع الإنسان الغل والحسد ، وكان أولئك حازوا مزية السبقية والمهاجرين مظنة أن يحسدوهم في ذلك ، فتحرزوا من ذلك بعد الدعاء ، والغل : هو تألم النفس على عدم المشاركة فيما اختص به ذو رئاسة وسوية والغبطة : تألم النفس على ذلك مع عدم تمني زوال عن المختص به ، والحسد : تألمها على ذلك مع تمني زوال ذلك من المختص ، والحقد : هو طلب الفرصة في المكروهات للمحقود ، فإن قلت : لم خبر هنا بالقلب دون القدر ، وقال تعالى قبل هذا (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً) ، فعبر بالصدر ، فالجواب : أن الآية المتقدمة الثناء فيها عليهم من الله تعالى ، فناسب المبالغة فيها لمحو اقتضاء الحاجة عن القلب وعن وعائها ، وهذا دعاء منهم فاقتصروا فيه على القلوب ، لأنها هي بمحل الغل ، فإذا انتفى منها انتفى عما سواها.
قوله تعالى : (رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
هاتان الصفتان منهما ترتبا في الذكر ، كانت الرأفة راجعة لصفة الإرادة ، والرحمة لصفة الفعل ، فالرأفة سبب في الرحمة ، وأن ذكرت الرحمة وحدها صح تأويلها ، إما برجوعها للإرادة أو للفعل.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا).
الاستفهام هنا للتقرير ، دليل على وقوع ذلك ، فلا يصح كون الرؤية علمية ، لأنه لم يكن عالما بأعيان المنافقين إلا أن يقال : أنه علم بهم من حيث الجملة ، وإلا ظهر أن الرؤية بصرية لتعديها بإلى ، أي ألم تنظر إلى الذين نافقوا وعبر عن نفاقهم بالفعل الماضي لبعد تحقيق ذلك ، فإن قلت : هل عبر بالاسم المقتضي بالثبوت والدوام ، وأما الماضي فمنقطع ، فالجواب : أن الماضي أفاد التحقيق وقوله تعالى : (يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ) ، أفادوا الدوام على ذلك في الحال والاستقبال ، فأغنى عن التعبير بالاسم.
قوله تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ).