قال الجزري : ملزومية الشرط للجزاء لا تدل على وقوعه ولا على إمكان وقوعه ، ويجاب أيضا : بأن النصرة تكون في أول الأمر والتولي في آخره.
قوله تعالى : (لا يَفْقَهُونَ).
عبر أولا : بالفقه ، وثانيا : بالعقل ، لأنهم لما أخطأوا أولا في كيفية الاستدلال عجل عليهم بعدم الفهم ، وثانيا : لما ظنوا بقتالهم في المغزى أو من وراء الجدار أنهم لا يغلبون ، وإن ذلك العقل يهدي عجل عليهم بعدم العقل ، فأحرى أن لا يوصف بذلك كل واحد على انفراده.
قوله تعالى : (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ).
عبر بالذوق إشارة إلى أن ما نالوه من العذاب بالنسبة إلى ما بعده ذوق ، فلم ينالوا عذابا في الدنيا ، بل ذاقوا وسينالوه الآخرة لقوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(١).
قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ).
إن قلت : لم حذف المسند إليه هذا فلم يقل : مثلهم كمثل الشيطان ، وصرح به في سورة البقرة في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) [سورة البقرة : ١٧] ، قلت : تقدم ما يدل عليه في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) [سورة البقرة : ١٧] ، من قبلهم قريبا.
قوله تعالى : (قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ).
قال : هو عند يأسه من رجوعه وثبوته ، وذلك عند الاحتضار [٧٦ / ٣٧٧] وأما في الدنيا فلا يقول له ذلك خوف أن يتوب فينتفع بذلك.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ).
دليل على أن التقوى أخص من الإيمان ، وإلا لم يفد قوله (اتَّقُوا) ، لا يقال : المراد داوموا على التقوى لا بد مجاز ، والأصل حقيقة ، فإن قلت : إنما الخلاف بين المؤمن والمتقي ، لأن لفظ الاسم المقتضي بالثبوت إذا نظر بين مطلق الإيمان ، ومطلق التقوى ، لأن الإيمان هنا بلفظ الفعل ، فلا يفيد على مراتبه ، قلنا : المختلفان إذا زيد عليهما مساو فإنهما لا يزالا مختلفين.
__________________
(١) ورد في المخطوطة : ولهم عذاب عظيم ، ووردت في المصحف : وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ، وقد أثبتنا ما في المصحف.