فصل هنا بالضمير ولم يفصل به بين (عالِمُ الْغَيْبِ) ، وما قبله ولا بين (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) ، للتباين بين مجموع الصفتين إذا القرينتين الأولتين معنوية ، وهاتين يرجعان لصفات الأفعال.
قوله تعالى : (هُوَ اللهُ).
تأكيد وفيه ضرب من التأنيث ، لأنه لما وصفه ب (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) ، وهما صفتان يتوهم فيهما الشركة ، قال تعالى (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [سورة الفتح : ٢٩] ، وفي الحديث : الراحمون يرحمهم الرحمن ، فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، أتى بهذا ليفيد أن الرحمة بين العباد كلها مخلوقة لله تعالى ، وهو الفاعل المختاو لا شريك له.
قوله تعالى : (الْقُدُّوسُ).
الزمخشري : هو البليغ في النزاهة عما يستقبح و (السَّلامُ) مبالغة في وصف كونه كريما من النقائص ، انتهى.
قوله تعالى : (السَّلامُ).
راجع إلى سلامة ذاته الكريمة من النقائص ، (الْقُدُّوسُ) ، راجع إلى تنزيهه الخارج له عن النقائص أو إلى تنزيهه نفسه كما يقال : حمد نفسه بنفسه ، قال شيخنا : وعندي نظر فيما يتجاوز الناس فيه من التخطيط لبعضهم ، فيقولون : المقدس المرحوم ، فإنه راجع إلى كمال التنزيه الذي لا يليق إلا بالله ، قيل له : قد ورد روح القدس ، وقال تعالى (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) [سورة طه : ١٢] ، وفي الحديث في وفاة موسى عليهالسلام أنه قال : يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية حجر وما معناه إلا كمال الطهارة.
قوله تعالى : (الْجَبَّارُ).
الزمخشري : القاهر الذي جبر خلقه على ما أزاد ، وهذا ترقيق على مذهبه كأنه يقول : إن العبد مستقل بفعله فتجيء هنا أن أفعاله الاختيارية من خلقه وقدرته ، وأفعاله الجبرية خلق الله تعالى كما يتصور دخول الإنسان بيتا اختياريا ودخوله بيتا مكرها.
قوله تعالى : (الْمُتَكَبِّرُ).
أي البليغ الكبرياء والعظمة ، فهما تصور في حقه صفة علية ، فيعتقد أنه متصف بأكبر منها ، وأعلى فهم إذا تصورت ما هو أعلى منها ، تعتقد أنه متصف بأكبر من ذلك