سورة الممتحنة
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا).
ابن عطية : نزلت في غزوة الحديبية ، وقال الزمخشري : يروى أن امرأة أتت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بالفتح ، وهو [...] بالفتح ، وهذا هو الصواب ، لأن غزوة الحديبية لم ينقل أنها كانت فيها الكثرة من الناس ، بحيث يحذر منهم حاطب بن أبي بلتعة بخلاف الفتح ، وهنا ثلاثة أسئلة :
الأول : أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمر : " وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ، فقبل عذره ، ولم يقبل عذر الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة تبوك ، مع أن فيهم من حضر بدرا ، وجوابه : أن خاطبهم بالمفسدة وعافاه الله منها بإعلامه نبيه وإظهاره الكتاب قبل رسوله إلى الكفار ، والثلاثة المتخلفون وقع منهم التخلف بالنقل ، فالمراد بقوله : اعملوا ما شئتم ، [...] بالمفسدة ، لإبقائها بالنقل ، لأن قضية حاطب قضية في عين ، وليس فيها إلا الهم بالمفسدة ، والمشهور عند الأصوليين في العام إذا ورد على سبب أنه يقتص على سببه.
السؤال الثاني : كيف طلب عمر رضي الله عنه ، أن يضرب عنقه بعد تصديق النبي صلىاللهعليهوسلم وعلى آله ، لسارة : أمسلمة جئت؟ قالت : لا. والخطاب ب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، تصديق له أيضا في أنه مؤمن ، وجوابه : أنه توهم أن قتله حد وأدب لا أنه مرتد.
الثالث : ذكر الزمخشري ، قول رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لسارة : أمسلمة جئت ، قالت : لا ، قال : أمهاجرة جئت قالت : لا فيرد في هذا السؤال تقريره أنه يلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط ، والإسلام شرط في المعجزة ، وقد سألها عنه أولا فنفته ، فلم سألها ثانيا عن الهجرة؟ مع علمه بأنها غير مسلمة ، فإن أجيب : بأنه ليس المراد الهجرة الشرعية ، بل لتحصيل حاجة ، فأنها إنما خرجت لإلحاقها الفاقة ، رد بأنه لو كان كذلك لما كانت بقولها : لا ، وهنا أيضا.
سؤال رابع : وهو أن لفظ الآية مناف لسبب نزولها ، وتقريره أن السبب يقتضي العتب ، والخطاب في الآية بوصف الإيمان وعدم إفراد المنادى بنافيه.
قوله تعالى : (تُلْقُونَ).