سورة الصف
ابن عطية : مكية ، وقيل : بعضها مكي وبعضها مدني ، الزمخشري : مكية ولم يحكي خلافا ثم لما ذكر سبب نزول قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) ، قال : إن المؤمنين قالوا : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لفعلنا ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فدلهم الله على الجهاد ، وكذلك لما أخبر الله تعالى بثواب شهداء بدر ، تولوا يوم أحد ولم يفروا ، بقولهم ، فنزلت الآية فظاهر هذا أن بعضها مدني ، لأن غزوة بدر وأحد إنما كانت بعد الهجرة ، فإن قلت : لا يبعد أن تكون الآية نزلت عتابا لهم فيما سيقع منهم لا ما وقع ، قلت : قد قال الزمخشري : سبب نزولها عدم وفائهم بقولهم فهذا هو التناقض.
قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ).
السبب القوي أدل على وجود السبب من السبب الذي لا يساويه في تلك القوة ، فإذا كان الناظر إلى السماوات والأرض يسبح الله ، فأحرى الناظر لنفس السماوات والأرض ، ويستفاد هذا أيضا من دلالة تركيب النصوص لقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [سورة الإسراء : ٤٤].
قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
يجري مجرى العلة ، ابن عطية : (الْعَزِيزُ) في سلطانه وقدرته الحكيم في أفعاله وتدبيره ، المقترح في الأسرار العقلية ، الحكمة راجعة للعلم بمعنى وضعه الأشياء في محلها ، وإن قلت : المراد بها الانتقال يشتمل صفة العلم والإرادة ، الآمدي في إبكار الأفكار : قيل : معناه الحاكم ، وقيل : العليم فهو صفة علمية ، وقيل : المتقن للأشياء فهي صفة فعلية ، والحاكم الفاصل بالقول والأخبار أو بالقضاء والقدرة ، وقيل : الحاكم المانع فالأول : صفة كلامية ، والثاني : راجع للقدرة والإرادة.
قوله تعالى : (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).
وحضهم على أمر مركب من القول وعدم الفعل ، والمركب [...] بأحد جزئيه ، فهل المراد نفي القول أو نفي الفعل؟ فتوبيخهم على قولهم ما لا يفعلونه ، هل معناه قولوا لنا لا تفعلونه أو أن الصواب أن لا يقولوا آمنا لا يفعلونه ، والظاهر الأول ، لأن الثاني ينتفي فيه مصلحة القول ، وكان بعضهم يورد في الآية سؤالا ، تقريره أن ما لا يلزم فعل شيء فلم يفعله ، إنما يعاقب على عدم الفعل لا على التزام ما لا يوف به ،