على مخالفتهما ، قال : وعادتهم يجيبون : بأن فائدة التبشير والمحمدة والثناء لقوم والتخويف والإنذار لقوم آخرين تقبيحا على الحرص على أسباب المقام الأول والبعد عن المقام الثاني ، قال : وقوله تعالى : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ) أخص من قوله : كمن هو في النار خالد ، لأن إتيان الخبر مقيد بصفة أخص من إتيانه مع صفة ، فقولك : زيد ضاحك في الدار ضاحكا لا خبر بعد خبر ، فوصفته بالأمرين فما يلزم منه أن يكونا مجتمعين إلى حالة واحدة.
قوله تعالى : (فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ).
قالوا : هو أخص من قولك : قطعت أمعاءهم.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ).
أي ومن الناس المستمعون هم المنافقون.
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً).
ابن عرفة : انظر هل المستقبل هو الذي يأتي للحال أو الماضي ، والحال هما اللذان يأتيان للمستقبل ، قال : والصواب أن المستقبل هو الآتي للحال ، فيقال : زيد أتاه أجله ، ولا يقال : زيد أتى أجله ، قال : ووجهه أن الماضي معدوم والمستقبل صار موجودا فالموجود هو الآتي.
قيل لابن عرفة : إنما ذلك بين زمنين والتعاند هنا بين الإنسان والساعة وهما موجودان ، فقال : الإنسان لا يوجد إلا في زمان ، فزمانه الحالي الذي كان فيه وكان فاصلا بينه وبين الساعة صار حين إتيان الساعة معروفا ، قال : وعادتهم يستشكلون الآية من ناحية الجمع بين إتيانها بغتة مع مجيء أشراطها لأنها بعد مجيء أشراطها حصل لهم الشعور بها ، فلم تأتيهم بغتة ، لا يقال : هلك زيد بغتة إلا إذا لم يكن عنده بأسباب الهلاك شعور.
قيل لابن عرفة : حصل لهم العلم بها جملة لا يتعين وقتها ، فقال : إنما يصدق لفظ البغتة عليها مع العلم جملة ، قيل له : قد قال تعالى في آخر الأعراف : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) [سورة الأعراف : ١٨٧] وهي خطاب للمسلمين وقد حصل لهم العلم بأشراطها ، فقال : لم يذكر هنالك معها مجيء أشراطها؟ قال : والجواب أنه لم يقل : فقد جاء أشراطها بل حذف المفعول ، وأشراطها إنما حصل بها لنا لا للكفار فهي للكفار بغتة حقيقة.