عبر بالاسم هنا ، وقال في سورة النجم (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) [سورة النجم : ٣٠] ، فعبر بالفعل ، والجواب : أن المراد بتلك الآية عموم تعلق علمه بمن اتصف بمطلق الضلال ، ومن اتصف بمطلق الهداية ، والمراد بهذا المدح والثناء على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فعبر فيها بالاسم الدال على ثبوته على الهداية واتصافه بأكمل صفاتها وأبلغها.
قوله تعالى : (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ).
الموافقة والمساعدة والطاعة مترادفة ، فخصص الطاعة منها لاستلزامها سلب المشاركة في فعلهم ومعبودهم ، فالنهي عنها أبلغ وهذا الخطاب أن كان للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فهو لشدة تمالكه على عدم إيمانهم ، فهي من ذلك كما قيل له في الآية الأخرى (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) [سورة التحريم : ٩] ، وإن كان الخطاب لغيره فنهى عن الطاعة مطلقا ، والطاعة عند الأصوليين موافقة الأمر ، فيكون فيه دليل لقول ابن عرفة : لم يشترط في الأمر العلو بل الاستعلاء فقط ، لأن هؤلاء ليس فيهم علو شرعا ، وإنما فيهم الاستعلاء.
قوله تعالى : (الْمُكَذِّبِينَ).
دليل لصحة قول من قال : إن الحكم إذا علق بمشتق من صفة ، فإنه غير معلل بتلك الصفة للإجماع لابن التلمساني ، فإن قلت : هنا قرينة أفادت أن النهي عام ، قلت : الأصل عدم القرينة.
قوله تعالى : (فَيُدْهِنُونَ).
إن قلت : لا يصح أن يكون معطوفا على تدهن ، لأن التمني لا يكون إلا فيما يمكن وقوعه ، فيلزم أن يتمنى الإنسان فعل غيره ، ولا التمني لا يتعلق بفعل غيره ، قلت : هو مسبب ناشىء عن دهنه ، فليس هو بفعل الغير صرفا ، وفيه نظر لأنهم خلطوا بين التمني والترجي بأن التمني يكون في الممكن وفي المستحيل بخلاف الترجي ، واحتجوا بقول الشاعر :
يا ليت أيام الصبا رواجعا
وليت للتمني.
قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ).