قوله تعالى : (كَما بَلَوْنا).
التشبيه إما معنى بمعنى أو محسوس بمحسوس ، لأن ما إما مصدرية أو موصولة بمعنى الذي ، ويقع بمن فعلق سببه وبمن لم يفعل ، قال تعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) [سورة الأنبياء : ٣٥] ، وقال تعالى (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً) [سورة الأنفال : ١٧] ، والعقوبة لا تقع إلا بمن فعل شبها ، وهم لا ولم يفعلوا لكن عزموا على الفعل ، قال القرطبي : يؤخذ من أن العزم على الفعل يؤاخذ به.
قوله تعالى : (وَلا يَسْتَثْنُونَ).
يحتمل أن يكون مقسما عليه وإن لا ، الزمخشري : فإن قلت : لم سمي استثناء ، وإنما هو شرط ، قلت : لأنه يؤدي معنى الاستثناء من حيث إن المعنى قوله لأخرجن إن شاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد انتهى ، موجب هذا السؤال أن الاستثناء بالمشبه إن كان حقيقة لغوية فما وجهه ، لأنه شرط الاستثناء وإن كان في الشرع مجاز فأين العلاقة.
قوله تعالى : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ).
إن قلت : هلا قيل : من الله من العزيز الجبار ، فإن لفظ الرب يشعر بالرحمة والرأفة ، والمحل محل العزة والانتقام ، فالجواب : من وجوه :
الأول : أنه تخويف لقريش ، أي إذا نالهم هذا مع استشعار الرحمة ، فأحرى مع استشعار العزة والانتقام.
الثاني : أن السؤال إنما يريد لو قال : طائف من ربهم ، وإنما قيل : من ربك.
الثالث : أن ما قال ما عاقبته الرأفة والرحمة لا العقوبة ، لأنهم تابوا أو حسنت توبتهم.
قوله تعالى : (وَهُمْ نائِمُونَ).
إن قلت : ما أفاد مع أنه مفهوم ، فالجواب : من وجوه :
الأول : أنه إشارة إلى أنهم أخذوا حالة أمنهم وطمأنينتهم.
الثاني : ما قصدوا صرامها في خفية عن المساكين ، فعوقبوا بخسفها في خفية عنهم.
الثالث : هو إشارة إلى أن السبب في عقوبتهم بذلك مجرد عزمهم على صرامها خفية عن المساكين ، أي عوقبوا به وهم في حالة لم يشتغلوا فيها بمعصية ولا مخالفة ،