سورة الحاقة
فسر الزمخشري الحاقة بثلاثة تفاسير : الأولان : حقيقة ، والثالث : مجاز.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ).
القارعة من أسماء القيامة ، ويرد في الآية يذكره البيانيون في حسن الائتلاف ، وهو أن الذي يقتضيه حسن الائتلاف ، كذبت ثمود وعاد بالحاقة ، والجواب من وجهين :
الأول : أتى أولا بلفظ الحاقة دليلا على ثبوتها ، وتصدير حقيقتها في النفوس ثم عقب ذلك بلفظ القارعة الدالة على ما اشتملت عليه من الأهوال والقوارع والزواجر.
الثاني : وصفها أولا فيما يرجع إلى حالها في نفسها وهو [٨٠ / ٣٩٧] كونها حقا ثابتا ، وذكر ثالثا : حالها باعتبار صفتها ، ولا شك أن حكم الذات متقدم في حكم صفتها ، فذكر أولا حكمها في ذاتها ثم حكمها في صفتها.
قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ).
لم يقل : سلطها عليهم لما يقتضي لفظ التسخير من سيرها على حكم الله تعالى.
قوله تعالى : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ).
اختلفوا في مسمى ، هل هو النهار أو مجموع الدورة ، ووقع في كتاب العتق الثاني من المدونة ما يدل على أنه النهار ، فيمن قال لعبده : إن أديت اليوم مائة دينار فأنت حر ، فمعنى اليوم ، ولم يرد إليه شيئا فلا بد من التلوم له ، وهذه الآية تدل على أنه النهار لذكره في مقابلة الليل ، فلو كان في اللغة كمجموع الدورة للزم هنا في إطلاقه على النهار ، إما الاشتراك أو المجاز وكلاهما مرجوح ، لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة ، وروى ابن عطية عن ابن عباس : لم ينزل من السماء قط إلا بمكيال ولا هبت ريح إلا كذلك ، إلا ما كان من طوفان نوح وريح عاد ، فإن الله أذن لهما في الخروج من غير إذن الخزان ، وقال الزمخشري : روي عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذكر مثل ما تقدم ، قال : فإن الريح غنت على الخزان ، فلم يكن لهم عليها سبيل ، وكذلك الماء يوم نوح انتهى ، فإن قلت : ابن رشد ذكر في جامع البيان أن الله تعالى ما أرسل على قوم عاد من الريح إلا مقدار الخاتم ، فتراه أرسل عليهم بمقدار ، فكيف يفهم ذلك مع قال المفسرون هنا ، فالجواب : أنه فتح لها مقدار الخاتم ولا يدري مقدار ما يخرج ، إلا الله عزوجل فهي تخرج بلا كيل ، وفي العتبية سئل : هل