قوله تعالى : (فَأُدْخِلُوا ناراً).
عطفه بالفاء إما لأن المراد عذاب القرب ؛ لأن نارا منكرة ولو أريد جهنم لعرفت ، وقال الزمخشري : لاقترابه وتحقق وقوعه حتى كأنه قد كان ، فإن قلت : هذا على مذهبه في أن الآن غير مخلوقة الآن ، قلت : بل وعلى مذهبنا ؛ لأن المراد إدخال الأجسام لا الأرواح ، وقول القرطبي ، قيل : المراد بالنار إغراقهم في البحر ، لقول ابن عمر : متى تعود يا بحر نارا من بدع التفاسير ، ويلزم عليه [٨١ / ٤٠٣] التكرار ، قال : وقيل إن المراد أن كل واحد منهم عذب نصفه بالغرق ونصفه بالنار.
قوله تعالى : (فَلَمْ يَجِدُوا).
فيه إشارة وهو أن العطف بالفاء المقتضية للتعقيب لا تقتضي إلا عدم وجدان الناصر أثر دخولهم النار لا دائما فهلا عطف بالواو المقتضية لعدم وجدان الناصر دائما؟ والجواب بأن هذا في أشخاصهم ، والعام في الأشخاص عندنا عام في الأزمنة والأحوال يرد بأنهم مصرون بلم التي هي لنفي الوجدان لا نفي الوجود ، فظاهر الآية أن هناك أنصارا خفيت عنهم ولم يجدوهم ؛ مع أن الثابت في نفس الأمر عدم الناصر بالإطلاق ، ويحتمل أن لا تهكما ويكون من باب نفي الشيء بإيجابية ، مثل : لأرينك ها هنا.
قوله تعالى : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ).
إن قلت : الأصل تقديم هذه الجملة على الذي قبلها ؛ لأن دعاءه عليهم من جملة أسباب عذابهم ، فالجواب أنه لو قدم على ذكر العقوبة ، لأوهم أن العقوبة مترتبة على المجموع الذي هو دعاء عليهم وحسابهم ، ومع التأخير يزول هذا التوهم وهو أبلغ ، ولهم من يتق.
قوله تعالى : (عَلَى الْأَرْضِ).
يريد في ذلك الزمان ، وإلا فيقال : قد وجد الكافر الآن.
قوله تعالى : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً).
إن قلت : ما الجمع بينه وبين حديث : " كل مولود يولد على الفطرة" (١)؟ فالجواب أنه يولد على الفطرة ثم يصير في ثاني حال فاجرا كفارا ، القرطبي فإن قلت :
__________________
(١) أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٤٨٠٧ ، ٤٨٠٨ ، ٤٨٠٩ ، وأبو داود الطيالسي في مسنده حديث رقم : ٢٥٤٧ ، ٢٤٧١ ، والطبراني في المعجم الأوسط حديث رقم :