سورة القيامة
قوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ).
الزمخشري : (بَلْ يُرِيدُ) عطف على (أَيَحْسَبُ) فهو إما مثله استفهام ، وإما أن يجاب على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر ، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب ، انتهى.
فقل : المعنى بل أيريد أو بل يريد ، ويتعقب بأنه جعلها عاطفة مع مماثلة ما بعدها لما قبلها في الاستفهام ، وقد نصوا على أن بل من الحروف المشركة في .... (١) لا في المعنى ، فإن قلت : هو استفهام في معنى النفي فيرجع إلى مسألة سيبويه والمبرد وهي : ما قام زيد بل عمرو معناه عند سيبويه : بل قام عمرو ، وعند المبرد : بل قام عمرو ، قلت : ما معنى التشريك إلا أن الحكم المسند للأول أبطل عنه وحكم به للثاني من نفي أو إثبات ، وهذه الآية ليس المراد فيها إبطال الأول ؛ مثل الجمع بين الاستفهام عن الأول والثاني في الاستفهام.
قوله تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ).
أي شاهد عليها ، وهو من باب التجريد ، أو يراد بالإنسان العقل ، يعني أن العقل يشهد على النفس ، ويصح كون بصيرة مبتدأ ، وعلى نفسه خبر إلا أن بصيرة خبر الإنسان كما جعله الزمخشري ، لكن يرد على ما قلناه أن يكون مدلول هذه الجملة كمدلول التي قبلها ؛ لأن يعني كون على نفس الإنسان بصيرة رقيب فلا بد أن ينبه بما عمل ، وعلى قول الزمخشري يكون تأسيسا وهو أولى.
قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ).
فيه دليل على أن القول بأن النهي عن الشيء أمر لضدّه ، وأن السكون أمر عدمي مما لا يجتمعان ، فإنهم اختلفوا أهل السكون عدمي أو وجودي ، وهل متعلق النهي الترك أو فعل الصلاة ، فإن قلت : هلا قيل : لا تحرك به شفتيك كما في أول البخاري ، عن ابن عباس : كان رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك به شفتيه ، فالجواب أن اللعاب أكثر مرادفا من الشفتين ، قال تعالى (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) [سورة الروم : ٢٢].
قوله تعالى : (لِتَعْجَلَ بِهِ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.