سورة الإخلاص
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).
ذكر ابن التلمساني في شرح المعالم الفقهية في أوائل الباب السابع : أن كل ما لا يتوقف ثبوته على المعجز يصح إثباته بالسمع ، فيصح بخلاف وجود الإله بأنه لا يثبت إلا بالعقل.
وقال في شرح المعالم اللدنية : أن ذلك مستفاد من العقل والسمع والعقل ، أو بعض في شرائعه شراحه أنه لا يصح إثبات الوحدانية بالسمع وإنما تثبت بالعقل ، وانظر ما تقدم في سورة الأنبياء.
قوله تعالى : (اللهُ الصَّمَدُ) ولم يقل : هو الصمد (١) ؛ لأن هويتهم [...] منهم فيمن يعود عليه الجلالة صريحة في معناها ، فإن قلت : لم نكر أحد وعرف الصمد؟ فالجواب : أن تنكير أحد جاء على الأصل في الأسماء التنكير ، وإنما عرف الصمد لاختصاصه بالله تعالى ولا يوصف به غيره بوجه بخلاف الأحد ، واعلم أن الأحد يطلق على معنيين : فتارة يراد به المنفرد في ذاته وهو بهذا المعنى مشترك بين القديم ، والحادث ، وتارة يراد به المنفرد بذاته وصفاته ، وهو بهذا المعنى يختص بالقديم ، قلت : وأخبرنا سيدنا الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس الحارس المالكي أن شيخه الشيخ الفقيه الخطيب أبا محمد عبد الله بن محمد القرشي الرحبي ، كان يقول : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) نفي للكثرة والتعدد ، (اللهُ الصَّمَدُ) نفي للنقص والتقلب ، (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) نفي للعلة والمعلول ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) نفي للاشتباه والأضداد ، قلت : وحكي أن الفقيه أبا القاسم ابن البراسيع ، عن أبي العباس أحمد العياطي أنه يقرئ أصول الدين فأرسل وراءه ليختبره ، فخاف منه ، فدخل على سيدي الحسن الزبيدي ، فقال له قبل أن يخبره بأمر : قل هو الله الصمد إلى آخر السورة ، فلما اجتمع مع ابن البراء ، فقال : ما خشية الله وما نسبته ، فقال (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فسكت عنه ، وأنكر ابن عرفة هذه الحكاية ، وقال : هذا لفظ موحش ، وإنما سمعت أنا أنه سئل سيدي الشيخ أبا محمد عبد الله المرجاني عنده وألهم في التفسير [...] في الحديث ، والدولة الأولى في الفروع وما مثالهم في ذلك ، فقال له : هيء لنا
__________________
(١) السيد الدائم الذي انتهى إليه السودد ، وقيل هو الدائم الباقي ، وهو المقصود في الحوائج.
القاموس المحيط مادة : (ص م د) ، لسان العرب (ص م د).