فإن قيل : اللحم لا يكون ميتا ، قلنا : بلى ، قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : " ما أبين من حي فهو ميت" ، انتهى.
قلت : وبدليل اختلاف الفقهاء في العظام هل يحلها الحياة أم لا؟ واختار المازني في الجوزق أنها يحلها الحياة بدليل وجود الإحساس والتالي بها والطب يقتضي ذلك بحلول الحياة فيها دليل على اتصافها بالموت.
ابن عطية : وقال الرماني كراهية هذا اللحم يدعوا إليها الطبع ، وكراهية الغيبة يدعوا إليها الفضل وهو أحق أن يجاب لأنه يصير عالما ، والطبع أعمى جاهل ، انتهى.
قلت : هذا اعتزال عقل عنه ، ابن عطية : لأنه بناء على قاعدة التحسين والتقبيح حكم العقل وجعله محسن ويقبح ومذهبنا بطلا ذلك.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
يحتمل أن يكون ردعا عن الغيبة ، كأنه قيل : إن الوصف الذي وقعت به الغيبة في الشخص المخبر عنه معروض للزوال بالتوبة فتنقلب الغيبة مباهتة ، ولهذا أصدره بقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ).
قوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى).
ابن عطية : يحتمل أن يريد بالذكر والأنثى آدم وحواء فيكونا شخصين ، ويحتمل أن يكونا كليين واقعين على ما تناسلا منه كل واحد منا لأن كل لإنسان له أب وأم ، انتهى.
قيل : يترجح الثاني لأنه حقيقة والأول مجاز ، قيل : بل الأول أولى بوجهين :
أحدهما : أنه مفيد إذ إخبار بمغيب بخلاف الثاني.
الوجه الثاني : أن الآية رد على من يريد النقيض بأخيه تقرير كونهما متساويبن في الأبوين ، وعلى الثاني قد ... (١) أحدهما ... (٢) أشرف ، ومن للتبعيض كما هي في حديث و" لست من دد ولا دد مني" ومعناه ليست من الغناء واللهو ولا هو مني إبعاد النفسية عن اللعب والغناء.
قوله تعالى : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ).
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) بياض في المخطوطة.