بترك الصلاة وحدها دون ما سواها من قواعد الإسلام لأنها مما علم وجوبها بالضرورة.
وحكي عن الحكم بن عتيبة : أنه أضاف إليها الزكاة وخطؤه في ذلك ، وعلى قول الأكثرين بالفرق بين الإسلام والإيمان لا إشكال في الآية ، وعلى قول الأقلين لأن الإيمان الشرعي مشروط بفعل الطاعات يرجعان إلى شيء واحد ، فكيف رد عليهم بأن قيل لهم : قولوا أسلمنا لكن القول مرغوب عنه ، والحديث الصحيح في مسلم يرد عليه.
حكى القاضي عياض في المدارك ، عن أبي محمد عبد الله بن إسحاق المعروف بابن البيان : أنه أخرج رأسه من الطاق ليلة عاشوراء فرأى خلقا كثيرا مجتمعين للتبرك فبكى ، فسئل عن موجب بكائه ، فقال : والله ما أخشى عليهم من الذنوب لأن مولاهم كريم ، وإنما أخشى أن يشكوا في كفر بني عبيد فيدخلوا النار لأن الشك في الكفر كفر ، انتهى.
قال شيخنا : وهذا كما قال : ولقد كنت جالسا عند الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد ابن سلامة فوقع جزء رسم له المهلة فجاءه رسول صاحب الجزء بدينار ناقص فرده عليه ، وقال : ما [...] بهذا التشكك ، فقال الرسول : يا سيدي ، هذا حق واجب ، فأنكر عليه غاية الإنكار وألزمه الكفر باعتقاد وجوب الحرام ، أو شكه فيه واستحلاله له ، وما زال يؤنبه ويكرر حتى تاب من ذلك الاعتقاد ورجع إلى الحق ، انتهى. ونص كلام ابن العربي في المتوسط : ولما كان الإيمان أمرا باطنا لا يعلمه إلا الباطن جعل الشارع عليه علامات ، وقضى الرب سبحانه وتعالى بأن لا يكون مؤمنا إلا باستخدام اللسان كاستخدام القلب ، فمن العلامة الإقرار بالشهادتين ، فمن اعتبرها بقلبه وعبر عنها بلسانه فهو مؤمن عند الله وعندنا ، ومن أقر بها بلسانه دون قلبه فهو المنافق.
وذهب الكرامية إلى أنه مؤمن حقا وهو أفسد من أن يتكلم عليه ، ومن اعتقد ذلك بقلبه ولم يصدق به لسانه فهو من عندنا إذ أحال بينه وبين النطق جعل أو عذر وهي مسألة اجتهادية هذا أظهر الأقوال فيها ، لأن الأمة أجمعت على أن ذا العذر الذي لا يستطيع النطق مؤمن باعتقاده التسليم ، فلو اعتقد الحق وعاند بالامتناع من النطق هو كافر إذ الإجماع منعقد على اشتراط النطق بالشهادتين في العصمة الدنيوية والأخروية جميعا ، ومن الطاعات تجرد الاعتقاد عن سجود الصم أو نحوه ، أو الاستحقاق بحق الرسول أو بشيء من الشريعة.