سورة الطور
قوله تعالى : (وَالطُّورِ).
ابن عطية : قال بعض اللغويين : الطور اسم لكل جبل أجرد لا ينبت ثمرا.
وقال مجاهد : الطور الجبل بالسريات ، انتهى. إن إرادتها هربت فحق ، وإن إرادتها لم تزل سريانية فباطل ، والظاهر أن المراد بالكتاب القرآن لأن القسم بالشيء تعظيم له ، وإذا تعلق التعظيم بواحد من أمور متعددة قد احتملها اللفظ فالأولى عمل على أعظمها وأشرفها ، ولا شك أن القرآن له من التعظيم والشرف بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وبالإعجاز ما ليس لغيره.
قال الزمخشري : وقيل : إنه القرآن ونكر ؛ لأنه كتاب مخصوص من بين جنس الكتب ، كقوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) [سورة الشمس : ٧] ، وقال في تلك الآية : نكرت (نَفْسٍ) لأحد وجهين :
أحدهما : أن يريد نفس خاصة وهي نفس آدم عليه الصلاة والسّلام كأنه قال :
وواحدة من النفوس.
والثاني : أن يريد كل نفس والتنكير لإرادة الخصوص لأن ما به التعظيم نظير ما قال تعالى في سورة الفجر (وَلَيالٍ عَشْرٍ) [سورة الفجر : ٢] ، ويرد بأن التنكير فيها إنما هو للإيهام والشيوع لا للخصوص.
ويجاب : بأن التعظيم يقتضي الخصوص لأن ما به التعظيم خاص بالمعظم ، وكذا التنكير لإرادة التعظيم ، ثم وصف ما سوى الطور لأن الطور علم لا اشتراك فيه.
فإن قلت : وكذا الكتاب علم ، قلت : لا يلزم من الوصف هو الاشتراك للموصوف بدليل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : ١].
قوله تعالى : (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ).
ابن عطية : هو السماء والسقف طول في انحناء ومنه أسقف النصارى وهو عالمهم ، انتهى ، ظاهره أنها عنده كروية ، وفي وصفه بالمرفوع إشارة إلى أنه العرش لأنه فوق كل مخلوق ، وما تحته من السماوات بالنسبة إليه محفوظة لا مرفوعة.
قوله تعالى : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ).