لنا في مقام الاستعمال لحاظان يتعلق أحدهما بالمعنى والآخر بالمجموع وبعبارة أخرى كما يقال في أسماء الأجناس كلفظ رجل الّذي هو مسلم عند الكل أنه موضوع لمعنى عام ومستعمل في المعنى العام ان لحاظ المعنى حين الاستعمال خارج عن الموضوع له وعن المستعمل فيه جميعا فان اللحاظ في مثل قولك الرّجل خير من المرأة يتعلق بالطبيعة المبهمة المهملة ثم بعد اللحاظ يقع الاستعمال في عين تلك الطبيعة المبهمة المهملة لا في الطبيعة الملحوظة التي صارت بسبب اللحاظ جزئيا ذهنيا كي يلزم الاستعمال في الجزئي الذهني فكذلك يقال في الحروف حرفا بحرف (وبالجملة) المعنى الّذي قد وضع له اسم الجنس أو الحروف وان كان بعد لحاظه عند الاستعمال يصير جزئيا ذهنيا ولكن لا يستعمل الاسم ولا الحرف في المجموع أي في المعنى الملحوظ الّذي صار جزئيا بسبب اللحاظ بل في نفس المعنى الّذي قد تعلق به اللحاظ أو لا فمتعلق اللحاظ والاستعمال شيء واحد وهو مجرد المعنى بلا ضم اللحاظ إليه.
(وثانيا) لو كان لحاظ المعنى حالة للغير جزءا للموضوع له أو المستعمل فيه في الحروف لزم أن لا يصدق الحرف على الخارجيات ويمتنع الامتثال إذا وقع تحت الأمر كما في مثل سر من البصرة إلى الكوفة وذلك لتقيد المعنى المأمور به باللحاظ والمقيد باللحاظ لا موطن له الا في الذهن لا في الخارج وهذا واضح.
(وثالثا) ان لحاظ المعنى حالة للغير في الحروف ليس إلّا كلحاظ المعنى بما هو هو في نفسه في الأسماء فكما أنه في الأسماء لا يكون اللحاظ داخلا في الموضوع له ولا في المستعمل فيه وانما هو من مسوغات الاستعمال وشرائطه فكذلك في الحروف حرفا بحرف (فتلخص) ان الاسم والحرف ككلمة (فوق) وكلمة (على) أو كلمة (الابتداء) وكلمة (من) أو كلمة (الانتهاء)