هذا العلم أن تمايز العلوم بعضها عن بعض هو بتمايز الأغراض الداعية إلى التدوين لا بتمايز موضوعات العلم ولا بتمايز محمولاته وإلّا لزم أن يكون كل باب بل كل مسألة من كل علم علما على حده (وفيه) أن ذلك إنما يلزم إذا كان موضوع العلم هو عين موضوعات مسائله وهكذا محموله وأما إذا قلنا أن موضوع العلم هو أمر وحداني وهو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتحد معها اتحاد الكلي ومصاديقه كما أشار بذلك قبلا بقوله وما يتحد معها خارجا وسيأتي التصريح به أيضا بقوله وهو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل إلخ وهكذا لو قلنا بمثله في محموله فلا يكاد يلزم ذلك وأما معرفة موضوع العلم أي الكلي المنطبق على موضوعات مسائله وهكذا معرفة محموله فهي وان كانت تتوقف على معرفة المسائل وتحديدها سعة وضيقا كما أن معرفتها وتحديدها كذلك لا يكاد يمكن الا بالغرض فإذا لا مميز الا الغرض ولكن بعد ما ميزنا وحددنا المسائل سعة وضيقا بوسيلة الغرض وأخذنا الجامع بين موضوعاتها وكان هو موضوع العلم وأخذنا الجامع بين محمولاتها وكان هو محمول العلم كان المميز حينئذ للعلم أمور ثلاثة الغرض والموضوع والمحمول (ثم) إن مما ذكرنا يظهر أن تمايز مسائل كل علم عن مسائل ساير العلوم أيضا يكون بتمايز الأغراض والموضوعات والمحمولات فان العلم ليس إلّا عبارة عن جملة من المسائل فإذا كان تمايز العلم بتمايز هذه الأمور الثلاثة كان تمايز مسائله أيضا عن مسائل ساير العلوم بتمايز هذه الأمور الثلاثة فكل مسألة من مسائل هذا العلم يمتاز عن مسائل ساير العلوم بترتب غرض هذا العلم عليه وبانطباق موضوع هذا العلم على موضوعه ومحموله على محموله (نعم) تمايز مسائل علم واحد بعضها عن بعض لا يكون بتمايز الأغراض إذا المفروض هو ترتب غرض واحد على جميع مسائله المختلفة فكيف يكون تمايز بعضها عن بعض بتمايز الغرض بل يكون