النّظر عن الإتيان بالآخر مقدور للمكلف يمكنه الإتيان به وهو يكفى في تحقق الملاك وحدوث المناط فيه فيتزاحمان الواجبان جميعا بعضهما مع بعض وتصل النوبة إلى الأقوى منهما مناطا فيقدم هو عقلا على صاحبه.
(ثانيهما) أن يكون ظرف امتثال أحدهما مقدما على الآخر كما إذا زاحم القيام في الركعة الأولى مع القيام في الركعة الثانية بان لم يتمكن من الجمع بينهما فيقدم الأول لقدرته عليه فعلا وعدم ما يوجب سلب قدرته عليه شرعا بل لو كان زمان وجوب أحدهما مقدما على زمان وجوب الآخر وان اتحدا من حيث زمان الامتثال كما إذا قال ان جاءك زيد فأكرمه يوم الجمعة وقال ان جاءك عمرو فأكرمه يوم الجمعة فجاء أحدهما يوم الأربعاء وجاء الآخر يوم الخميس فوجب إكرام أحدهما قبل وجوب إكرام الآخر ولم يتمكن المكلف من الجمع بين إكراميهما في يوم الجمعة قدم الأسبق منهما وجوبا على الآخر فانه قد شغل الوقت ولم يبق مجال للثاني.
(نعم) الترجيح بأسبقية زمان الامتثال أو أسبقية زمان الوجوب إنما يكون عند تساوى المتزاحمين في قوة المناط وأهمية الملاك وإلا فيقدم الأهم الأقوى وإن كان زمان امتثاله متأخرا كما إذا زاحم القيام حال القراءة مع القيام المتصل بالركوع أو كان زمان وجوبه متأخرا كما في مثال الإكرام وفرض أن إكرام الجائي يوم الخميس أهم من إكرام الجائي يوم الأربعاء بكثير
(أقول) إن الحاكم في مرجحات باب للتزاحم ليس إلا العقل ومجرد تقدم زمان امتثال أحدهما على الآخر من دون أقوائية مناطه لا يكاد يوجب في نظر العقل الحكم بوجوب تقديمه بعد أن كان الوجوب المتعلق بالثاني أيضا فعليا.
(نعم) إذا كان المتأخر امتثالا لم يدخل بعد وقت وجوبه فلا وجه