من العالم العاجز وان أمكن إرادته من الجاهل الملتفت المتمكن من الاحتياط ما لم يرخص له في الترك عند الشك في التكليف فإذا وصل الخطاب إلى المكلف وقد علم به وهو قادر عليه فعند ذلك تنقدح الإرادة أو الكراهة في نفس المولى على طبقه ووفقه (ومن هنا يظهر) أنه لا تنافي بين الحكم الواقعي والظاهري المتخالفين وهكذا بين الحكمين المتزاحمين الا في مرتبة التنجز فقط وهي مرتبة انقداح الإرادة والكراهة على طبق الحكم في نفس المولى دون ساير المراتب.
(نعم) ان الحكمين المتعارضين هما مما يتنافيان حتى في مرتبة الجعل والإنشاء بحيث يعلم إجمالا بكذب أحدهما من أصله لكن مع قطعية الدلالة والجهة لا مطلقا (ثم ان المصنف) هاهنا وان لم يجعل للحكم إلا مرتبتين الإنشاء والفعلية وجعل تنافي الأحكام الخمسة وتضادها في خصوص مرتبة الفعلية ولكن سيأتي منه قريبا في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري التجاؤه إلى تصوير مرتبة أخرى وهي مرتبة التنجز وأنه لا تنافي بين الأحكام الواقعية مع الظاهرية الا في مرتبة التنجز فقط وان الأحكام الواقعية التي قامت الأمارات أو الأصول على خلافها كلها فعلية وليست هي إنشائية محضة كي يقال انها لو كانت إنشائية محضة لم يجب على المكلف الإتيان بها ولو علم بها مع انها لو علم بها وارتفع الستار عنها لوجب عليه الإتيان بها قطعا ولا هي منجزة قد وصلت إلى مرتبة انقداح الإرادة والكراهة كي يقال ان الأحكام الواقعية مما تنافي الأحكام الظاهرية المجعولة على طبق الأمارة أو الأصل العملي فكيف التوفيق بينهما.
(وبالجملة) ان للحكم مراتب أربع.
(الأولى) مرتبة الاقتضاء والملاك.