(أحدهما) أن يكون المطلوب فيه هو مجموع التروك من حيث المجموع بحيث إذا خالف مرة لم يحصل الامتثال أصلا ويسقط النهي بالمرة كما إذا نهى عبده عن التكلم ساعة لئلا يشعر بهم العدو لكونه في مكان قريب منهم فإذا خالف آناً ما وتكلم وشعر بهم العدو سقط النهي من أصله ولم يحصل الامتثال أبدا وإن فرض سكوته في بقية آنات الساعة وهذا القسم من المنهي عنه هو في الحقيقة من المأمور به الارتباطي غير أنه قد تكون أجزائه وجودية كما في الصلاة وقد تكون عدمية كما في الصوم والمثال من الثاني.
(وثانيهما) أن يكون المطلوب فيه متعددا بتعدد التروك فكل ترك مطلوب مستقل غير مرتبط بالآخر فإذا خالف أحدها بقي الباقي على مطلوبيته كما في قوله لا تشرب الخمر أو لا تكرم الفساق أو لا تكذب أو لا تزن ونحو ذلك من النواهي فينحل النهي فيه إلى نواهي متعددة بتعدد الخمر أو الفساق أو الكذب أو الزنا فإذا خالف بعضها لم يضر الباقي وهذا القسم من المنهي عنه هو المحرم الغير الارتباطي (فحينئذ) يقع الكلام في أنه إذا خالف النهي مرة فهل لنا في مقام الإثبات ما يدل على كون النهي من القسم الثاني كي يكون باقيا على حاله بالنسبة إلى بقية التروك أم لا بل هو من القسم الأول بحيث إذا خالفه مرة سقط النهي رأسا (فيقول المصنف) إن نفس النهي مما لا دلالة له على إرادة الترك لو خولف مرة ولكن إطلاق المتعلق من هذه الجهة وعدم تقيده بان لا يخالف ولو مرة مما يكفى للدلالة في مقام الإثبات على بقاء النهي على حاله لو خولف مرة أو أكثر وان لم ينفعه إطلاق المتعلق من ساير الجهات كالزمان والمكان ونحوهما (وببالي) أن المحقق القمي رحمهالله قد تمسك لهذا المعنى بإطلاق الطلب أي طلب الترك كما تمسك بإطلاقه لكون النهي للدوام والتكرار (ولكن الحق) أن شيئا من الإطلاقين مما لا يجدى لا إطلاق الطلب