بلا دليل عليه من الشرع فممنوع أشد المنع فإنه هدم لما سيأتي من استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان الّذي هو من أقوى أدلة البراءة بل العقل يستقل بقبح العقاب على ما لا يعلمون ولا يكاد يسقطه عن حكمه به مجرد إمكان الاحتياط أبداً ما لم يقم دليل عليه شرعاً (وعليه) فرفع التكليف المجهول غير امتناني (إلا أن يقال) إن رفعه امتناني من ناحية أخرى وهي كما أشير آنفاً جواز وضع منشأ استحقاق العقاب عليه وهو إيجاب الاحتياط كما أفاد المصنف فحيث ان سبحانه وتعالى لم يضعه فقد منّ على الأمة وهذا غير دعوى عدم قبح العقاب عقلا على التكليف المجهول بمجرد إمكان الاحتياط كما لا يخفى.
(واما الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما اضطروا إليه) (فإن كان) المراد من هذه الأمور ما كان حاصلا بطبعه فلا إشكال في استقلال العقل أيضاً بقبح المؤاخذة عليها فيكون الرفع غير امتناني (وإن كان) المراد منها ما كان حاصلا من ترك التحفظ وسوء الاختيار فالعقل حينئذ وإن لم يستقل بقبح المؤاخذة عليها ويكون الرفع امتنانياً ولكن الظاهر عدم رفعها كي يكون امتنانياً إذ لم يعلم ان من وقع في الحرام كالزناء وشرب الخمر ونحوهما خطأ أو نسيانا أو إكراهاً أو اضطراراً مستنداً إلى ترك التحفظ وسوء الاختيار لا يكون معاقباً شرعاً بل يستحق العقاب بلا كلام فالرفع الامتناني غير واقع والواقع منه غير امتناني.
(ومن هنا يظهر حال ما لا يطيقون) في الحديث الشريف (فإن كان) المراد منه ما لا يقدر عليه فالعقل يستقل بقبح المؤاخذة عليه قطعاً ويكون الرفع غير امتناني (وإن كان) المراد منه ما لا يحتمل عادة إلا بكلفة شديدة وهو الظاهر من الرواية كما صرح به الشيخ أعلى الله مقامه (قال) والمراد بما لا يطاق في الرواية هو ما لا يتحمل في العادة لا ما لا يقدر عليه كالطيران في الهواء (انتهى) فالعقل لا يستقل بقبح المؤاخذة عليه ويكون الرفع امتنانياً قهراً.
(واما الحسد فان كان) المراد منه هو محض الصفة الكامنة في النّفس ما لم