بالآخرة ويختارون الدنيا على الآخرة ، ثم ذكر ثوابهم ، فقال : (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) فى طاعة الله (فَيُقْتَلْ) يستشهد (أَوْ يَغْلِبْ) يظفر على العدو (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ) نعطيه فى كلا الوجهين (أَجْراً عَظِيماً (٧٤)) ثوابا وأجرا وافرا فى الجنة ، ثم ذكر كراهيتهم القتال فى سبيل الله ، فقال : (وَما لَكُمْ) يا معشر المؤمنين (لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) فى طاعة الله مع أهل مكة (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) الصبيان (الَّذِينَ يَقُولُونَ) بمكة (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) يعنى مكة (الظَّالِمِ أَهْلُها) المشرك أهلها (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) من عندك (وَلِيًّا) حافظا ، يعنون عتاب بن أسيد (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) من عندك (نَصِيراً (٧٥)) مانعا فاستجاب الله دعاءهم وجعل لهم النبى (صلىاللهعليهوسلم) ناصرا وغياثا ووليا.
ثم ذكر قتالهم فى سبيل الله ، فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا) محمد وأصحابه (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا) أبو سفيان وأصحابه (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) فى طاعة الشيطان (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) جند الشيطان (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) صنع الشيطان (كانَ ضَعِيفاً (٧٦)) بالخذلان لأن يخذلهم كما خذلهم يوم بدر ، ثم ذكر كراهيتهم للخروج مع النبى (صلىاللهعليهوسلم) بالموافاة إلى بدر الصغرى ، فقال : (أَلَمْ تَرَ) ألم تخبر يا محمد (إِلَى الَّذِينَ) عن الذين (قِيلَ لَهُمْ) قلت لهم بمكة لعبد الرحمن بن عوف الزهرى ، وسعد بن أبى وقاص الزهرى ، وقدامة بن مظعون الجمحى ، ومقداد بن الأسود الكندى ، وطلحة بن عبيد الله التيمى (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) عن القتل والضرب ، فإنى لم أؤمر بالقتال (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وأتموا الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها فى مواقيتها (وَآتُوا الزَّكاةَ) أعطوا زكاة أموالكم (فَلَمَّا كُتِبَ) فرض (عَلَيْهِمُ) بالمدينة (الْقِتالُ) الجهاد فى سبيل الله (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) طائفة منهم طلحة بن عبيد الله (يَخْشَوْنَ النَّاسَ) يخافون أهل مكة (كَخَشْيَةِ اللهِ) كخوفهم من الله (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) بل أكثر خوفا (وَقالُوا رَبَّنا) يا ربنا (لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ) قد أوجبت علينا الجهاد فى سبيلك (لَوْ لا أَخَّرْتَنا) هلا عافيتنا (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) إلى الموت (قُلْ) يا محمد (مَتاعُ الدُّنْيا) منفعة الدنيا (قَلِيلٌ) فى الآخرة (وَالْآخِرَةُ) ثواب الآخرة (خَيْرٌ) أفضل (لِمَنِ اتَّقى) الكفر والشرك والفواحش (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧)) لا ينقص من حسناتهم قدر فتيل ، وهى الشىء الذى يكون فى شق النواة ويقال : هو الوسخ الذى يكون بين أصابعك إذا فتلت (١).
__________________
(١) انظر : سنن النسائى (٦ / ٣) ، ومستدرك الحاكم (٢ / ٦٦ ، ٣٠٧) ، وتفسير الطبرى (٥ / ١١٠) ،