عليها الهلاك (فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) وإن تغفر لهم تتب عليهم وتتجاوز عنهم (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) بالنقمة لمن لم يتب (الْحَكِيمُ) بالمغفرة لمن تاب مقدم ومؤخر.
(وَإِذْ قالَ اللهُ) يقول الله يوم القيامة (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) فى الدنيا (اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ) أى يقول عيسى : (سُبْحانَكَ) نزه ربه (ما يَكُونُ) ما كان ينبغى وما يجوز (لِي أَنْ أَقُولَ) لهم (ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) بجائز (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) لهم (فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) ما كان من لهم من الأمر والنهى (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) ما كان منك لهم من الخذلان والتوفيق (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦)) أى بما غاب عن العباد (ما قُلْتُ لَهُمْ) فى الدنيا (إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وحدوا الله وأطيعوه (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) هو ربى وربكم (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) بالبلاغ (ما دُمْتُ فِيهِمْ) ما كنت فيهم (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) رفعتنى من بينهم (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) الحفيظ والشهيد عليهم (وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من مقالتى ومقالتهم (شَهِيدٌ (١١٧)) عليهم ، قال عيسى : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)) قد فسرتها قبلها.
(قالَ اللهُ) أى سيقول الله (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) والمؤمنين إيمانهم والمبلغين تبليغهم والموفين ووفاؤهم (لَهُمْ جَنَّاتٌ) بساتين (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) من تحت شجرها وسررها (الْأَنْهارُ) أنها الماء واللبن والخمر والعسل (خالِدِينَ فِيها) مقيمين فى الجنة لا يموتون فيها ولا يخرجون منها (أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) بإيمانهم وعملهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بالثواب والكرامة (ذلِكَ) الذى ذكر من الخلود والرضوان (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩)) النجاة الوافرة فازوا بالجنة من عذاب النار.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خزائن السموات والأرض ، خزائن السموات بالمطر ، والأرض بالنبات ، والثمار وغير ذلك (وَما فِيهِنَ) من الخلق والعجائب (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من خلق السموات والأرض والثواب والعقاب (قَدِيرٌ (١٢٠)) (١).
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٧ / ٩٠) ، والدر المنثور (٢ / ٤٦٥) ، والنكت للماوردى (١ / ٥٠٤).