المطلب الأول
طلبه للعلم وشيوخه
صفحة أخرى مجهولة من صفحات حياة الراغب الأصفهاني ، تلك هي صفحة طلبه للعلم وشيوخه الذين تلقى عنهم ، فجميع المصادر المتاحة للباحثين لا تذكر شيئا يتعلق بسيرته العلميّة ، وعمّن تلقى من علماء عصره.
وفي مثل هذه الحالات التي ينعدم فيها الخبر الموثق يلجأ الباحث إلى الحدس والتخمين والتوقّع ، المبنّي على بعض الإشارات ، التي قد لا يلقي لها بالا لو توافرت لديه المعلومات الخاصة بالحياة العلميّة للراغب الأصفهاني.
ومن هذا الباب يلاحظ أن الراغب كان في طلبه للعلم ذا نزعة منفتحة ، تميل للأخذ من كل علم بطرف ، دون طلب الاستقصاء فيه ، يقول في كتابه «الذريعة إلى مكارم الشريعة» في فصل جعل عنوانه : الحث على تناول البلغة من كل علم والاقتصار عليه : «.. فحقه أن يجعل أنواع العلوم كزاد موضوع في منازل السفر ، فيتناول منه في كل منزل قدر البلغة ، لا يعرّج على تقصّيه واستفراغ ما فيه ، فتقصّي الإنسان نوعا واحدا من العلوم على الاستقصار يستفرغ عمرا ، بل أعمارا ، ثم لا يدرك قعره ، ولا يسبر غوره» (١) ، وهذه النزعة جعلت الراغب موسوعيّ الثقافة مساهما في مجالات مختلفة من العلوم : لغة
__________________
(١) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٢٣٦).