وقال بعض المعتزلة (١) : عنى بقوله : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) أنه كقوله : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا)(٢) وهذا إن كان كما قاله هذا القائل ، فقوله : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) تصديق لهم ، وقوله : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ)(٣) تكذيب لهم ، وأنه محال أن لا يقتلوا مع أن قتلهم بذلك المكان جار في قضائه وتقديره (٤) ، وقد حمل ذلك على وجهين : إما أنّ من قدّر له القتل لو لم يخرج لأتاه القتل ، وهو في مضجعه في داره (٥) ،
__________________
(١) المعتزلة : فرقة كلامية سميت بذلك لاعتزالهم قول الأئمة ، وادعائهم أن الفاسق من أمة الإسلام لا مؤمن ولا كافر ، وكان هذا الرأي قد صدر عن واصل بن عطاء في مجلس الحسن البصري ، فطرده الحسن ، فاعتزل إلى سارية من سواري مسجد البصرة ، فقيل له ولأتباعه «معتزلة». انظر : الفرق بين الفرق للبغدادي ص (٢٠ ، ٢١ ، ١١٤ ، ١١٥). والتبصير في الدين للإسفراييني ص (٦٣ ـ ٦٥). واعتقادات فرق المشركين والمسلمين للرازي ص (٢٧ ـ ٢٩). والبرهان للسكسكي ص (٤٩ ـ ٥١).
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٨.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٤.
(٤) قال ابن عطية : الآية ردّ على الأقوال ، وإعلام بأن أجل كلّ امرئ إنما هو واحد ، فمن لم يقتل فهو يموت لذلك الأجل على الوجه الذي قدّر الله تعالى. المحرر الوجيز (٣ / ٢٧٢).
(٥) انظر : الجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٤٣) ، النكت والعيون (١ / ٤٣١) ، والوسيط (١ / ٥٠٨) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٦٩) ، وتفسير