على القتل في سبيل الله ، وبيانه ما أقول : إن قتلتم في سبيل الله أو متم فيه حصلت لكم المغفرة والرحمة تنبيها أنه أو جبهما للثواب ، ولمّا عنى في الثانية الموت المطلق والقتل العارض قدم أبينهما عندهم إذ لا بد منه ، فكأنه قيل : إن حصل ما لا بد منه بوجه وهو الموت حتف الأنف ، أو ما هو عارض ، وعندكم أنه قد يكون منه خلاص ، وهو القتل ، فالحشر لا محالة حاصل (١).
قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ...)(٢) الآية.
__________________
ـ حملي وشرطي ، والقياس الاقتراني الشرطي : هو المركب من القضايا الحملية البسيطة ، والقضية الحملية هي التي لا يكون فيها المحمول والمحمول عليه قضيتين عند التحليل. أي عند حذف ما يدل على العلاقة بينهما. انظر : كشاف اصطلاحات الفنون (٣ / ١١٩٢ ، ١٢٣٦).
(١) انظر البحر المحيط (٣ / ١٠٣). وقد نقل أبو حيّان هذه الفقرة بكاملها ، ونسبها إلى الراغب مع زيادة مهمّة توضح المعنى ، فقال : «إن قتلتم في سبيل الله أو متمّ فيه حصلت لكم المغفرة والرحمة ، وهما خير مما تجمعون ، فإذن الموت والقتل في سبيل الله خير مما تجمعون ، ولئن متم أو قتلتم فالحشر لكم حاصل ، وإذا كان الموت والقتل لا بد منه والحشر ، فنتيجة ذلك أن القتل والموت اللذين يوجبان المغفرة والرحمة خير من القتل والموت الذين لا يوجبانهما».
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٩. ونصها : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).