دخل ألف الاستفهام على واو العطف (١) ليفيد مع الاستفهام تعلق ما (٢) بعده بما قبله ، وكذلك إذا قلت : أو كان كما تقول؟ إذا أردت بناء كلامك على كلام المخاطب (٣) ، وكان المسلمون قتلوا من المشركين يوم بدر سبعين ، وأسروا سبعين ، فلمّا كان يوم أحد ، وقتل جماعة من المسلمين تغيّر قلوب قوم ، فخاطبهم الله بذلك ، وعنى أنكم أنكرتم أن نالكم منهم شطر ما نالهم منكم ، وأخذتم تقولون : أنّى نالنا ذلك؟! فأجابهم الله بأن ذلك من عند أنفسكم ، فإن الله وعدكم أن ينصركم بشريطة أن تصبروا وتتقوا ،
__________________
ـ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(١) ذكر الزجاج أن الواو هنا هي واو النسق. انظر : معاني القرآن (١ / ٤٨٧) ، ورجح الأكثرون أنها واو العطف ، كما حكاه الراغب. قال ابن عطية : والواو في قوله : (أولما) عطف جملة على جملة. المحرر الوجيز (٣ / ٢٨٨).
وقال القرطبي : الألف للاستفهام والواو للعطف. الجامع (٤ / ٢٦٤) وانظر : البحر المحيط (٣ / ١١١) ، والدر المصون (٣ / ٤٧٣).
(٢) تصحفت (ما) في الأصل إلى (بما) ، والصواب ما أثبته.
(٣) قال الأخفش : «فهذه الألف ألف الاستفهام ، دخلت على واو العطف ، كأنه قال : صنعتم كذا وكذا ولمّا أصبتكم. ثم أدخل على الواو ألف الاستفهام». انظر : معاني القرآن (١ / ٢٢٠) ، وذكر ابن هشام : «أن همزة الاستفهام إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بثم قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير». انظر : المغني ص (٢٢).