حمل على الأمر فليس يعني العلم ، فكيف يصح وقد قال بعده : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ)(١) قيل : ليعلم المؤمنين أي ليحصل إيمان المؤمنين ، وقد تقدم حقيقة / ذلك (٢) ، ثم بيّن تعالى ما كان من ذنوبهم ، فقال : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا)(٣) أي استعملوا النفاق في أعمالهم. ولمّا قيل لهم إمّا أن تحاربوا أو تحضروا مكثّرين للسواد دافعين عن الحوزة (٤) ، قالوا مجيبين بما حكي عنهم ، وقول السدّي : ادفعوا بتكثير سوادنا إن لم تقاتلوا (٥) ، وقول غيره : رابطوا
__________________
ـ «فإن قيل : كيف يريد الله أمرا ولا يرضاه ولا يحبه ، وكيف يشاؤه ويكوّنه؟ وكيف يجتمع إرادته له وبغضه وكراهته؟ قيل : هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقا ، وتباينت طرقهم وأقوالهم. ثم قسّم رحمهالله المراد إلى نوعين : مراد لنفسه ، ومراد لغيره. فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير ، والمراد لغيره قد لا يكون مقصودا للمريد ، ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته ، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده ... فهو سبحانه يكره الشيء ، ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره ، وكونه سببا إلى أمر هو أحبّ إليه من فوته» شرح العقيدة الطحاوية ص (٣٢٨). وانظر : جامع البيان (٧ / ٢٨٨).
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٦٦.
(٢) انظر : تفسير الآية : ١٤٢ ، والآية : ١٥٤ من سورة آل عمران.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٦٧.
(٤) الحوزة : الناحية ، وبيضة الملك. انظر القاموس ص (٦٥٥).
(٥) رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٣٨٠) ، وذكره الماوردي في النكت والعيون (١ / ٤٣٥) ونسبه للسدي ، وابن جريج ، وابن الجوزي في