له بذاته قوام (١) ، وأما متأخرو المعتزلة الذين لم يتجاوزوا منزلي الحسّ والوهم ، ولم يروا الروح إلا ريحا أو عرضا (٢) ، فبعضهم
__________________
ـ من الجنس والفصل وإلى مركب منهما كالمولدات الثلاث. انظر : التعريفات للجرجاني ص (٩٢ ، ٩٣).
(١) قال الإمام ابن القيم بعد أن حكى بعض الأقوال الباطلة : «فإذا عرفت هذه الأقوال الباطلة ، فلتعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب ، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه ، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعّمة أو معذّبة ، وأنها تتصل بالبدن أحيانا ، ويحصل له معها النعيم أو العذاب ، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد ، وقاموا من قبورهم لربّ العالمين ...» الروح ص (١٥٥) وكان قد قال قبل ذلك : «والصواب أن يقال : موت النفوس هي مفارقتها لأجسادها ، وخروجها منها ، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت ، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل ، وتصير عدما محضا فهي لا تموت بهذا الاعتبار ، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب» الروح ص (١١٧). وانظر : نظم الدرر (٤ / ٤٢٠) عند تفسير قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي). [الإسراء : ٨٥].
(٢) العرض : عبارة عن معنى زائد على الذات أي ذات الجوهر يجمع على أعراض. الكليات ص (٦٢٤) ، وقد ردّ ابن القيم رحمهالله على من قال : إن الروح عرض من الأعراض ، وبين مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك ، وأنها ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل ، وتخرج وتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن ، وعلى هذا أكثر من مائة دليل. ثم قال رحمهالله : «وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن الملك يقبضها ، فتأخذها الملائكة من يده ، فيوجد لها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض ، أو