فالمعنيّ بها هم ومن جرى مجراهم (١) ، ونبّه بما حكى من جوابهم وفعلهم على نهاية ما يطلب من إيمان العبد وتوكله لما أظهروا قولا وفعلا ، وبيّن أنهم عادوا بنعمة وفضل في دنياهم وأخراهم في أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، لا أنهم لا يعرض لهم في الدنيا ما يحزن ويخوّف من سوء ، ولكن لا يؤثر فيهم ، والمقصود بهذه النعمة والفضل أعظم مما قال بعض المفسرين من أن المسلمين لما حضروا بدرا الصغرى (٢) ، ولم يحضروا للموعد صادفوا بها سوقا ،
__________________
(١) قال النيسابوري : «... وإنما عبّر عن الإنسان الواحد بالناس ، لأنه من جنس الناس ... ولأن الواحد إذا قال قولا وله أتباع يقولون مثل قوله ويرضون به ، حسن إضافة ذلك الفعل إلى الكل كقوله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) [البقرة : ٧٢] ، وحين قال نعيم ذلك القول لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامّونه ويصلون جناح كلامه» تفسير غرائب القرآن (٢ / ٣١١) ، وانظر : الوسيط (١ / ٥٢٢) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١٣٨). ومن العلماء من جعل (الناس) الأولى : ركب عبد القيس ، والثاني : عسكر قريش على ما جاء في بعض روايات ابن إسحاق. انظر : السيرة النبوية لابن هشام (٣ / ١٥١) وسبل الهدى والرشاد للصالحي (٤ / ٣١١) والمحرر الوجيز (٣ / ٢٩٧) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٧٩) ، وأنوار التنزيل (١ / ١٩٠).
(٢) قول الجمهور : إن هذه الآية نزلت في غزوة حمراء الأسد ، وذهب مجاهد إلى أنها في غزوة بدر الصغرى. قال ابن عطية : «وشذ مجاهد رحمهالله فقال : إن هذه الآية من قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) إلى قوله : (فَضْلٍ عَظِيمٍ) إنما نزلت في خروج النبي عليهالسلام إلى بدر الصغرى ... والصواب